للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسلطان ... " ولكن لم ينجدهم أحد. وتصور كتب الغربيين الموقف من شدة سفك جنودهم لدماء المسلمين أن خيولهم غاصت في هذا الدماء. وصار المسجد الأقصى مشتى لخنازيرهم، وظل هكذا المسجد أسيرا لا تقام فيه الصلاة ولا يرفع فيه الآذان ثنتين وتسعين سنة ـ عمر اليهود في المسجد الأقصى واحد وستون سنة والصلاة تقام فيه والآذان يرفع فيه ـ حتى قيض الله لفتحه صلاح الدين الأيوبي رحمه الله. فتأمل كم جيلًا مر وعاش ومات ولم يرَ المسجد الأقصى حرا في أيدي المسلمين؛ لأنها أجيال لم تستحق النصر، ولكن جيل صلاح الدين جيل يستحق أن يتوج بطلا للملحمة الإسلامية لذلك فتح الله على يديه القدس، وسيقيض الله لهذه الأمة من هو مثل صلاح الدين لإعادة مجدها من جديد، ولكنكم قوم تستعجلون.

٨ - وفي القرن السابع الهجري بدأ التتار التحرش بالدولة الإسلامية فسفك أعراض المؤمنات في بخارى وسمرقند وترمذ وغيرها من البلاد، بل كانت النساء يربطن من أثدائهن ويشددن منها، وقتل خلق كثير وغدر وفجر وبقر بطون الحوامل واستباحت بيضة الإسلام. ثم كانت الفجيعة الكبرى والحدث الضخم وهو دخوله بغداد، معتقدا ـ كما يعتقد أحفاده اليوم ـ أنه بالقضاء على بغداد دار الخلافة وقَتْلِ الخليفة يكون قد قضى على الإسلام. ولكن أريد أن أنقل لك بالنص تصوير ابن كثير لهذا الموقف:" وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنشاب من كل جانب حتى أصيبت جارية كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه وكانت من جملة حظاياه وكانت مولدة تسمى عرفة جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة، فانزعج الخليفة من ذلك، وفزع فزعا شديدا " وقد أحصى ابن كثير عدد القتلى الذين قتلهم التتار في بغداد فقط من بين ثمانمائة ألف قتيل إلى ألف ألف قتيل إلى قول بعضهم أنهم ألفا ألف قتيل، حتى ذكر أن الناس في دمشق قد مرضوا بسبب تعفن الجثث في بغداد مما أفسد الهواء، بل كان الرجل " يستدعى به من دار الخلافة من بني العباس فيخرج بأولاده ونسائه، فيذهب به إلى مقبرة الخلال تجاه المنظرة فيذبح كما تذبح الشاة، ويُؤسر من يختارون من بناته وجواريه ". وبل كان التتاري إذا مر على المسلم في بغداد ولم يكن حاملا سيفه يقول للمسلم انتظر هنا حتى آتي بسيفي وأقتلك فينتظره المسلم المغلوب على أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>