ما سبق كله في محور واحد من محاور التوحيد وهو (توحيد الشعائر)، وأما المحور الثاني من محاور التوحيد والذي أنجزت فيه الصحوة مالم تنجز كل المدارس الفكرية الأخرى فهو (توحيد التشريع).
فمع هيمنة القوانين الوضعية الغربية المناقضة لشريعة رب الأرض والسموات لم يقف في وجهها ويقاومها ويكتب المؤلفات حولها ويخطب عنها ويرد على الشبهات التي تهونها إلا "الصحوة الإسلامية" ..
لقد ملئت ديار المسلمين من "شرك التشريع" ومع ذلك تجد المدارس الفكرية الأخرى في غاية البرود من إفراد الله في التشريع، ولاتجد إلا شباب الصحوة الإسلامية هم الذين حققوا منجزات في هذه القضية لم يحققها غيرهم، وابتدأت هذه الحملة المباركة برسالة الشيخ محمد ابن ابراهيم رحمه الله (تحكيم القوانين) ثم شرحها الشيخ سفر الحوالي في عدة أشرطة، وكتب فيها الشيخ عبد الرحمن المحمود رسالة موسعة فند فيها شبهات مرجئة العصر في التهوين من هذه القضية، وغيرها، والمراد التمثيل.
وكل تشريع يخالف تشريع الله ورسوله فهو شرك كما قال تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) [الشورى:٢١]
وتوحيد التشريع وإفراد الله بالطاعة ليس شيئاً هامشياً في مشروعات الرسل، بل قال الله تعالى عنهم (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) [النساء:٦٤]
فهذه الصحوة الإسلامية قامت بمنجز عظيم في نوعي التوحيد (توحيد الشعائر) ضد المتصوفة والشيعة وأضرابهم. و (توحيد التشريع) ضد النظم السياسية الفاسدة والمثقفين المروجين لها. فهاتوا لي حركة في العالم كله قامت بنوعي التوحيد خيراً مما قامت به الصحوة الإسلامية؟ هاتوا لي منجزاً واحداً في العالم يضارع أو حتى يقارب منجز ترسيخ توحيد الشعائر والتشريع؟
يأتوننا ويقولون: وماهي منجزات الصحوة الإسلامية؟ بل أنتم ماهي منجزاتكم؟!
ومن منجزات الصحوة الإسلامية نشر السنن وإماتة البدع، وكم للإسلاميين من جهود مشكورة في ملاحقة أعيان البدع وآحادها والصبر على تبيينها للناس، تخيلوا الناس بدون هذه الجهود؟! كيف سيكون حال عامة الناس؟ وكيف سيدخل في دين الله من المفاهيم الخاطئة المحدثة ما الله به عليم؟ ومن قرأ تاريخ السلف يستطيع بكل اختصار أن يقول عنه (تاريخ مقاومة البدع).
على أية حال .. لايمكننا التوسع أكثر من ذلك، لكن سنعرض على سبيل الإشارة لبعض منجزات الصحوة الأخرى:
فمن منجزات الصحوة إحياء الجهاد الشرعي المنضبط بأصول أهل السنة، والدفاع عن بلدان المسلمين في كل مكان، ولذلك فإن أكبر خسارة تعرض لها (غلاة التكفير والقتال) ليس حين واجهتهم أمريكا، ولاحين واجهتهم النظم العربية، وإنما حين نافرتهم "الصحوة الإسلامية" ورفعت يديها عنهم وحذرت منهم، بعد أن ظهرت انحرافاتهم عن أصول أهل السنة في باب الجهاد حين استهدفوا أمن البلدان الإسلامية، وقد كان هذا بالنسبة لأدعياء الجهاد بمثابة فصل أنبوب الأكسجين ..