للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول الإسماعيلية بتناسخ الأرواح "وقد اتفقوا عن آخرهم على إنكار القيامة ... وقالوا: إنها خروج الإمام وقيام الزمان، والسابع هو الناسخ للشرع المغيِّر للأمر، أمَّا المعاد فأنكروا ما ورد به الأنبياء، ولم يثبتوا الحشر والنشر للأجساد، ولا الجنة ولا النار، ولكن قالوا: معنى المعاد عود كل شيء إلى أصله، وزعموا أن نفوس المعاندين لمذهب الإسماعيلية تبقى أبد الدهر في النار، على معنى أنه تبقى في العالم الجسماني تتناسخها الأبدان، فلا تزال تتعرَّض فيها للألم والأسقام، فلا تفارق جسدًا إلا ويتلقاها آخر (١).

ومعنى الصلاة والزكاة عندهم: محمد وعلي، فمَن تولاَّهما فقد أقام الصلاة وآتى الزكاة ... والخمر والميسر اللذان نهى الله قربهما هما أبو بكر وعمر، لمخالفتهما عليًّا ... ثم يُقال له: (المدعو الجديد) هل تحب أن تدخل الجنة؟ ... فيذهب به الداعي (الإسماعيلي) إلى زوجته ليبيت معها ... فإذا خرج المخدوع (المدعو) من عندها (زوجة الداعي)، تسامع به أهل هذه الدعوة الملعونة، فلا يبقى منهم أحد إلا وبات مع زوجة المخدوع (المدعو)، كما فعل هو مع زوجة الداعي ... " (٢).

نظرتهم للمرأة هي نوع من أنواع المسخ الذي يصيب غير المؤمن (٣)، فهي كالحيوان؛ لأنها مجردة عن وجود النفس الناطقة؛ لذا يعتقدون أن نفوس النساء تموت بموت أجسادهن؛ لعدم وجود أرواح خاصة بهن (٤).

لذا يستبيحون الزنا بنساء بعضهم بعضًا؛ لأن المرأة لا يكمل إيمانها إلا بإباحة فرجها إلى أخيها المؤمن!

وفي ذاك اشترطوا ألاَّ يباح ذلك للأجنبي، ولا لِمَن ليس داخلاً في دينهم (٥).

أثر الحركات الباطنية في واقع المسلمين:

منذ أن قامت هذه الحركات الباطنية وهي لا تبغي إلا الإطاحة بالخلافة الإسلامية، والعودة إلى أمجاد آبائهم المجوس بإعلان الإمامة الشيعية، وهنا لا ينفصل الخطر الديني عن السياسي، فلا قوام لديانتهم ونحلتهم دون قيام دولتهم، فالحركة الباطنية الشيعية "عبارة عن دعاية خفية مستترة أكثر ممَّا هي مقاومة مكشوفة، وهذا ما جعلها مخالفة لغيرها من الفرق، وهي دعاية يحيط بها جوٌّ من الأسرار، وتغشاها أساليب المكر والمراوغة" (٦).

واختراقها لكثيرٍ من الطوائف جعلهم يبثُّون عقائدهم بينهم؛ حتى ظهر رؤوس الفلاسفة المتصوِّفة كالحلاج وابن عربي والسهروردي والبسطامي والتلمساني، وهؤلاء ممَّن جهروا بما لم يَفُه به فم؛ فقال الإمام الذهبي عن كتاب ابن عربي "الفصوص": وكل كتبه تحتمل التأويل ما عدا "الفصوص"، فإن كان ما فيه ليس بكفر، فليس في الدنيا كفر ... وكانت جماعة إخوان الصفا تضمُّ في صفوفها: "أبا إسحاق الصابي الحراني وهو من عبَدَة النجوم الصابئة، ويحيى بن عدي النصراني رئيس أساقفة الكنيسة اليعقوبية، وماني المجوسي، وأبو سليمان المنطقي السجستاني الإسماعيلي، فما الذي يجمع هؤلاء، ويدعوهم إلى تأليف مجمع سري؟! "، أليس نموذجًا حيًّا لتقارب الفرق والأديان؟ شياطين يُوحِي بعضهم لبعض زخرف القول غرورًا، تحزَّبوا ليرموا الإسلام رمية رجل واحد، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.


(١) "فضائح االباطنية"؛ أبي حامد الغزالي، ص ٤٤ - ٤٦.
- "الإفحام لأفئدة الباطنية الطغام"؛ يحي العلوي، ص ٢١.
(٢) "كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة"؛ الحامدي، ص١٢.
- "تاريخ الفكر الإسلامي في اليمن"؛ أحمد حسين شرف الدين، ص (٧٦ - ٧٩).
(٣) نفس نظرة فرسان المعبد وعبَدَة الشيطان، فهم يرون أن الشيطان يتمثَّل في صورة امرأة.
(٤) "دائرة المعارف الإسلامية": مادة نصيري.
(٥) "الحركات الباطنية"؛ محمد الخطيب، ص٣٧٠.
(٦) "العقيدة والشريعة"؛ إغناست جولد تسيهر، ص١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>