للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أشرف المياه وأطيبها وأعجبها، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن زمزم: «إنها مباركة، وهي طعام طعم وشفاء سقم» (١)، وإنما تظهر بركتها على من صحَّ صدقه، وحسنت فيها نيته (٢).

وماء زمزم لما شرب له من النيات والمقاصد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له» (٣).

قال الشوكاني:"فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر ضربه لأجله، سواء كان من أمور الدنيا أو الآخرة؛ لأن (ما) في قوله: (لما شرب له) من صيغ العموم" (٤).

وقال مجاهد:"إن شربته تريد الشفاء شفاك الله، وإن شربته تريد أن تقطع ظمأك قطعه الله، وإن شربته تريد أن يشبعك أشبعك الله، وهي هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل ... من شرب منها حتى يتضلع أحدثت له شفاء، وأخرجت منه داء" (٥).

وقد شربه جماعة من العلماء والصالحين لمقاصد جليلة وحوائج جزيلة فنالوها (٦).

قال ابن القيم:"وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر أو أكثر ولا يجد جوعاً، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوماً، وكان له قوة يجامع بها أهله ويصوم ويطوف مراراً" (٧).

وتجارب العلماء وأخبارهم مع هذا الماء المبارك كثيرة جدا، ولولا الإطالة لذكرت طرفا منها، فلنشربه بنية الوقاية والشفاء من الأمراض، وبنية السلامة والعافية من المكاره، ودون تردد مع اليقين بحصول المطلوب.

٢٦ - تحصين من نزل به البلاء لرفعه عنه.

لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عاد مريضا لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض» (٨).

فهذه الفائدة يحصلها المريض بدعاء الزائر له بالصيغة النبوية المذكورة، فيعافى ويقوم سريعا من مرضه بإذن الله تعالى، مالم يكن مرضه الذي هو فيه مرض الموت، فإن كان كذلك لم ينفعه شيء.

٢٧ - التحصن بالتعاويذ والرقى عند نزول البلاء.

وهذه بابها واسع، وقد ذكرت طرفا منها في كتابي ((أذكار المسلم ٢٠٠ سؤال وجواب)) (٩)، تحت عنوان: أذكار المرض والرقية والموت وما يتصل به.

هذه بعض التحصينات وفيها الكفاية لمن وفقه الله.

تساؤلات:

هل هناك فرق بين الأدوية الإلهية والأدوية الطبيعية في النفع من الداء؟ وما مميزات الأدوية الإلهية؟ وهل لها آثار جانبية سلبية؟

نعم هناك فرق؛ فالأدوية والتحصينات الإلهية تكون أحيانا استباقية، ومساحتها العلاجية أرحب، قال ابن القيم:"واعلم أن الأدوية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله، وتمنع من وقوعه، وإن وقع لم يقع وقوعا مضرا وإن كان مؤذيا، والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصول الداء، فالتعوذات والأذكار إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب، وإما أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه، فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة، ولإزالة المرض" (١٠).

وتمتاز الأدوية والتحصينات الإلهية بأنها مجانية، وسهلة التعلم، وليس لها آثار جانبية، إضافة إلى إنها تشرح الصدر، وتطمئن القلب، وتزرع اليقين، وتقوي الصلة بين العبد وخالقه.


(١) أخرجه الطيالسي (٤٥٧)، والطبراني في الصغير (٢٥٩)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٠٥٦).
(٢) المفهم (٩/ ٢٠٣).
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط (٨٤٩)، والبيهقي في الصغرى (١٧٨٤)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٠٤٣٩).
(٤) نيل الأوطار (٥/ ١٤٩).
(٥) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٤/ ٢١٦).
(٦) تاريخ مكة المشرفة (١/ ٦٧).
(٧) الطب النبوي (ص٣٠٧).
(٨) أخرجه أبو داود في الجنائز (٣١٠٧)، وصححه الألباني (٢٦٦٤).
(٩) طبعة دار كنوز أشبيليا.
(١٠) زاد المعاد (٤/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>