للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - في حال التكلف والتصنع في أداء ألحان النشيد، فإنه - أي التكلف - في إنشاد الشعر من خصائص المغنيين ولم يكن الماضون الأولون - الذي يكون فهمهم حجة على من بعدهم - لم يكونوا يتصنعون أو يتكلفون في إنشاد الشعر إلا من وجه إرسال الشعر، واتصال القوافي فإن كان صوت أحدهم أشجن من صاحبه؛ كان ذلك مردودا إلى أصل الخلقة، لا يتكلفون ولا يتصنعون" (١).

٢ - كون النشيد محكوما بالتلحين الغنائي الموزون على النغم الموسيقي المطرب، وعلة الحظر في هذه الحالة والتي قبلها، التشبه بالفسّاق والمجّان مع ما فيه من الإطراب المذموم الملهي.

٣ - في حال مشابهة النشيد لألحان أغنية محرمة معلومة، وفي هذه الحالة من التشبه بالفساق والماجنين ما يجعله - أي النشيد - محظورا حتى عند بعض الغافلين عن الحالتين السابقتين وما فيهما من تشبه، قال الشيخ عبد الله علوان (٢) - رحمه الله -:"لا يجوز للمنشدين أن ينشدوا أغاني فيها تشبه بالأغاني المائعة من ناحية أوزانها وألحانها؛ لأن السامع حين يسمعها يظن أن المنشد يغني الأغنية المائعة، والمقطوعة الفاجرة؛ لكون أكثر الناس يلتفتون إلى النغم واللحن، أكثر من التفاتهم إلى المعنى والنظم، وهذا مشاهد ومعروف في عالم الواقع الذي نحيط به، وننظر إليه ونعايشه، والرسول عليه الصلاة والسلام حذّر كل التحذير من التشبه بالمائعين والمخنثين".

٤ - أن يشبه النشيد ألحان وكلمات أغنية محرمة، معلومة، ولو مع تغيير بعض الكلمات التغيير الذي يغير معنى الأغنية المحرم، مع بقاء الشبه والتذكير بالأغنية، كتلحين نشيد:

عودوا يا ناس (للإسلام) ويّامه خلّوا اللوام يلوموا مهما لاموا

على لحن الأغنية الماجنة:

عودوا يا ناس (للحب) ويّامه خلّوا اللوام يلوموا مهما لاموا

وعلة النهي في هذا العمل ونظائره هو: التذكير بالمحرمات، (نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الانتباذ في المزفت والحنتم والنقير) (٣) وهي الأواني التي كانت مخصوصة للخمر فنهى عنها؛ لأنها تذكر بها، وهي علة التحريم، إذ لا لذة في رؤية القنينة وأواني الشرب، لكن من حيث التذكير بها، والذكر سبب انبعاث الشوق، وانبعاث الشوق إذا قوي فهو سبب الإقدام (٤).

٥ - أن يحصل تشبه أهل النشيد حين أداء النشيد بأهل الغناء والعزف، حين أداء الغناء في الهيئة الظاهرة، كالوقفة والحركة واللبس وطريقة الأداء والإلقاء.

مثاله: أن يقف المنشد وفرقة النشيد فوق خشبة المسرح أمام الجمهور، وقفة الفرق الغنائية، حسب نظام وقوفهم الخاص، مثل انفراج الرجلين والقدمين بمقدار معين، ووضع الشعار (كالمنديل في الجيب أو المنشفة على الكتفين أو غيرهما)، وتحريك اليدين ارتفاعا وانخفاضا مع اللحن، أو تحريكهما مع المعاني المؤثرة، وتغميض العينين، ورفع الرأس وهزه يمنة ويسرة، وترتيب فرقة النشيد بالزي الموحد، كترتيب أعضاء الفرق الغنائية بحيث أن من يراهم يظنهم أحد الفرق الغنائية الماجنة.


(١) الاعتصام (١/ ٣٤٨).
(٢) أناشيد (الشجرة الطيبة).
(٣) أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهي أواني كانت يُشرب فيها الخمر.
(٤) إحياء علوم الدين، الغزالي (٢/ ٢٧٢) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>