للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - الاعتقاد بأن كمال التربية الروحية والإيمانية والجهادية للشباب والترقي بهم في ذلك لا يتم إلا عن طريق الأناشيد المطربة، وهذا نظير اعتقاد الصوفية أن أحوالهم مع الله وصلتهم به لا تتم إلا عن طريق السماع.

١٤ - الاعتقاد بأنه لابد للشباب من سماع الأناشيد أيا كانت، ولو كان فيها بعض المحاذير، لاسيما لمن اعتاد سماع الغناء؛ وإلا فإنهم سيتركون الالتزام بالدين، ويرتكبون المحظورات من سماع الأغاني وغيرها من المحرمات.

وفي هذا الكلام وجه من الشبه؛ لقول بعض الصوفية: إن محبته لله - عز وجل - ورغبته في العبادة وحركته ووجده، وشوقه، لا يتم إلا بسماع القصائد، وسماع الأصوات والنغمات، ويزعمون أنهم بسماع هذه الأصوات تتحرك عندهم من دواعي الزهد والعبادة، ما لا تتحرك بدون ذلك، وأنهم - بدون ذلك - قد يتركون الصلوات، ويفعلون المحرمات، ويظنون أنهم بهذا ترتاض نفوسهم، وتلتذ بذلك لذة تصدها عن ارتكاب المحارم، وتحملها على فعل الطاعات، ويقولون: أن الإنسان يجد في نفسه نشاطاً وقوة في كثير من الطاعات، إذا حصل له ما يحبه، وإن كان مكروهاً، وأما بدون ذلك فلا يجد شيئاً، ولا يفعله، وهو أيضا يمتنع عن المحرمات إذا عوض بما يحب، وإن كان مكروهاً وإلا لم يقنع (١).

نقل ذلك عنهم الشيخ تقي الدين - رحمه الله - ونقدهم (٢).

١٥ - الاعتقاد بأن الأناشيد المطربة من شعائر الالتزام بالدين وعلامات الاستقامة، كاعتقاد بعض العامة أن سماع الأناشيد خاص (بالملتزمين)، وعلامة من علامات الهداية، والتوبة، والرجوع إلى الله، وكذلك يعتقد الصوفية في سماعهم أنه من علامات الاستقامة والصلاح والتوبة!! (٣)

والصحيح أن ترك (الأغاني) من علامات الاستقامة، وأما سماع أو محبة الأناشيد الملحنة والمطربة فليست من الطاعات، وأما الكلمات الطيبة فهي محمودة في القصائد وغيرها.

١٦ - تقديم الأناشيد والاشتغال بها على بعض النوافل الشرعية، خصوصا طلب العلم الشرعي، وهو نظير تقديم الصوفية السماع على بعض النوافل، كقيام الليل وقراءة القرآن.

١٧ - قصد الأماكن الفاضلة للإنشاد، كجعل الأناشيد الملحنة المطربة في المساجد؛ فإنه من بدع الصوفية المحدثة في سماعهم دون غيرهم، قال أبو الطيب الطبري (٤) - رحمه الله -:"ليس في المسلمين من جعله (تلحين الشعر) طاعة وقربى، ولا رأى إعلانه في المساجد، ولا حيث كان من البقاع الكريمة والجوامع الشريفة؛ فكان مذهب هذه الطائفة (الصوفية) مخالفاً لما أجمع عليه العلماء".

وأما مُجرّد الإنشاد فلا بأس.

١٨ - قصد الأوقات الفاضلة أو ما يظن أنها فاضلة للإنشاد، كيوم مولد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، ورجب، وليلة القدر.


(١) [الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -: " لا شك أنا إذا رأينا من الشباب إقبالاً على الأغاني الماجنة، وسماع الموسيقى، والتلذذ بآلات الطرب والمزامير والمعازف، ورأيناهم قد شُغفوا بذلك، وأكبوا عليه، فإنا نبذل السبب في صدهم عن ذلك، وتخفيفه عنهم، ولا شك أن سماع هذا النشيد الذي فيه مواعظ وتخويف وترقيق ووعد ووعيد، هو أخف وأحسن من سماع ذلك اللهو والطرب، فيرتكب أخف الضررين، فبعض الشر أهون من بعض ".]
(٢) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٣/ ٢٠٣).
(٣) [الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -: " إلاّ أن هناك فرق بين سماع الصوفية الذي هو رقص وطرب وضرب بالأرجل وهز للرؤوس ونحوه، مما يُثيره ذلك السماع المبتدع، وبين النشيد الذي هو قصائد علمية وعظية مُفيدة، لها وقع في النفوس، ينشرها الشباب الملتزم، ويحصل بها توبة، وإقلاع وبُعدٌ عن الحرام، وإقبال على العبادة، ومحبة لجنس الطاعة ".]
(٤) نزهة الأسماع، ابن رجب (ص: ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>