للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩ - الغلو في النبي (١) - صلى الله عليه وآله وسلم - وإطرائه، كما أطرت النصارى عيسى بن مريم - عليه السلام- ورفعه - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى مقام الألوهية، نحو الاستغاثة به - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما لا يقدر عليه إلا الله - عز وجل -، ككشف الكرب، وإزالة الظلم، ويقول بعض المنشدين:

يا أيها المختار هل من ومضة تجلي بوهج برقيها الظلمات (٢)

فإن حقيقة الشرك هو دعاء غير الله تعالى بالأشياء التي يختص بها، أو اعتقاد قدرة لغيره فيما لا يقدر عليه سواه، أو التقرب إلى غيره بشيء مما لا يتقرب به إلا إليه (٣).

٢٠ - أن يتضمن النشيد كلمات الدعاء والنداء والتوجه إلى غير الله، والاستغاثة واستجلاب الخير من غير الله - عز وجل -، وإخلاص التوحيد لا يتم إلا بأن يكون الدعاء كله لله، والنداء والاستغاثة والرجاء، واستجلاب الخير، واستدفاع الشر له ومنه، لا لغيره، ولا من غيره (٤).

٢١ - إذا تضمن النشيد الدعوة إلى بعض البدع الصوفية، كتعظيم يوم مولد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وجعله عيدا، مثل قول بعض المنشدين:

مولد الهادي سلاما أنت للأجيال عيد (٥)

٢٢ - التغني بالذكر البدعي غير المشروع، كالتغني بلفظ الجلالة (الله) مُفردا في مقام الذكر والعبادة، فإن اشتملت الأناشيد على ذلك فإنها تكون حراما؛ لأن هذا الذكر مُحدث، والعبادة مبناها على التوقيف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٦) - رحمه الله -:"المشروع في ذكر الله - سبحانه وتعالى - هو ذكره بجملة تامة، وهو الذي ينفع القلوب، ويحصل به الثواب والأجر، وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهرا أو مضمرا، فلا أصل له، ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - (٧).

وإن كان التغني بالاسم المفرد (آلله، آلله) في النشيد لمجرد التلحين والتطريب، فغير مشروع أيضا؛ لأنه استعمال له في غير محله، قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف: ١٨٠)، ولم يقل تغنوا بها.

٢٣ - التغني بالذكر المشروع على طريقة بدعية، نحو طريق الإنشاد الجماعي الملحن بصوت واحد، مثل أن تنشد كلمة التوحيد بأصوات ملحنة منظمة جماعية، متوافقة في مقام الذكر والعبادة.


(١) [الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -: " لا شك أنه هذا شيء واقع، وأنه ممنوع وحرام، والغالب أنه يكون في قصائد المتصوفة والقبوريين، وأهل الجهل والشرك في الأقوال، الذين أوقعهم جهلهم في هذا الغلو، باسم تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته وتوقيره والاعتراف بحقه ... الخ.
فزادوا في وصفه، وأعطوه خالص حق الله من التعظيم والعبادة، وأوصاف العظمة، وما لا يستحقه إلا الله، وقد فطن لذلك أهل التوحيد والإخلاص فنزّهوا قصائدهم ونشيدهم عن هذا الغلو والإطراء، حيث رووا قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) وقوله: (إياكم والغلو فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلو) وقوله: (أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله) ونحو ذلك.]
(٢) نشيدنا، سليم عبد القادر (ص: ٦١).
(٣) انظر: الدر النضيد، الشوكاني (١٤٥، ١٦٣).
(٤) نفس المصدر (ص: ١٦٣).
(٥) نشيد الكتائب (ص: ٩٤).
(٦) البيان المفيد، جمع السليماني، فتوى الشيخ محمد العثيمين (ص: ٤).
(٧) مجموع فتاوى ابن تيمية (١١/ ٢٢٦، ٢٣٣) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>