للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مظاهرة الكافرين، وإعانتهم، والتجَسُّس على المسلمين، وإفشاء أخبارهم وأسرارهم، وكشْف عوراتهم لأعداء الدِّين، والفرَح لِمُصاب المسلمين، والحزن لنصرهم، وتمنِّي هزيمتهم، والسعي لذلك بالقلَم والمال والنفْس، والدعوة إلى خلْع رابطة الولاء الدِّيني، وجعل الولاء على أُسُس عرقيَّة؛ مثل: الوطنيَّة، والقوميَّة، والفرعونيَّة.

قال الشيخ الشِّنقيطي - رحمه الله -: "ومن هدْي القرآن للتي هي أقوم: هدْيه إلى أنَّ الرابطة التي يجب أن يعتقد أنها هي التي تربط بين أفراد المجتمع، وأن يُنادى بالارتباط بها دون غيرها - إنما هي دينُ الإسلام؛ لأنه هو الذي يربط بين أفراد المجتمع حتى يصير بقوة تلك الرابطة جميع المجتمع الإسلامي، كأنه جسَد واحد، إذا اشتكى منه عُضو، تداعَى له سائرُ الجسَد بالسهَر والحُمَّى" (١).

ومن مظاهر الولاء:

الدعوة إلى زمالة الأديان، ورفْع شِعار: "الدِّين لله، والوَطَن للجميع"؛ ليذوب معنى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة ٌ} (٢)، و ((المسلم أخو المسلم) ومن ذلك: التجمُّع تحت أحزاب وكيانات تشترط أن يكون الاجتماع لا على أساس الدين؛ كالماسونية، ونوادي الروتاري والليُونز، أو أحزاب سياسية تفصل الدِّين عن السياسة، كالعلمانية، وشعارهم: "لا سياسة في الدين، ولا دين في السياسة".

ومن ذلك:

دعوى تقديم الواجب الوَطَني على الواجب الدِّيني، فإذا تعارَض عندهم الدِّين والوطنية، قدم ما فيه مصلحة للوطن - في ظنِّهم - حتى لو كان فيه مُحاداة لله ورسوله، ومُحاربة لدِينه وأوليائِه.

ومن ذلك:

"كسر حاجز الولاء والبَرَاء بين المسلم والكافر، وبين السُّنِّي والبِدعي، وهو ما يُسَمَّى في التركيب المولد باسم: (الحاجز النفسي)، فيُكسر تحت شعارات مضَلِّلة: (التسامُح)، و (تأليف القُلُوب)، (نبذ الشذُوذ والتَّطَرُّف)، و (التَّعَصُّب)، و (الإنسانيَّة)، ونحوها من الألفاظ ذات البَريق، والتي حقيقتها: (مؤامرات تخريبية)، تجتمع لغاية القضاء على المسلم المتمَيِّز وعلى الإسلام" (٣).

ومِن ذلك:

تَوْلِية الكُفَّار ما فيه سلطان على المسلمين، وتنصيبهم أمراء وقادة ومستشارين وبطانة من دون المؤمنين، والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (٤)، يقول ابن القَيِّم - رحمه الله -: "ولَمَّا كانت التوْلية شقيقةَ الولاية، كانت توليتهم نوعًا من تَوْليهم، وقد حكم الله - تعالى - بأن مَن تَوَلاَّهم فإنَّه منهم، ولا يتم الإيمانُ إلاَّ بالبَرَاءة منهم، والولاية تُنافِي البَرَاءة، فلا تجتمع البَرَاءة والولاية أبدًا، والولاية إعزاز فلا تجتمع هي وإذلال الكُفر أبدًا، والولاية صلة فلا تجامِع مُعاداة الكافرين أبدًا" (٥).

ومن ذلك:


(١) "أضواء البيان"، ٣/ ٤٠١.
(٢) [الحجرات: ١٠].
(٣) "هجر المبتدع"؛ لفضيلة الشيخ بكر أبو زيد: ص٤. (ط، مكتبة السنة).
(٤) [آل عمران: ١١٨، ١١٩].
(٥) "أحكام أهل الذمة"، ١/ ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>