للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرْح الاعتزاز بآداب الإسلام وأخلاقياته، والاعتزاز بكلِّ ما يُتلقى عن الغرب الصليبي - وإن خالَفَ الإسلام - باسم المدَنيَّة، والتقدُّم، أو الحضارة والرَّقي، أو باسم الموضة أو الفن أو تحت أيِّ مسمَّى، وازدراء من تَمَسك بآداب الإسلام وهدْيه، ورَمْيه بالتَّخَلُّف والرَّجْعِيَّة.

ومن ذلك:

الاحتفال بأعياد المُشركين وتسميتها أعيادًا؛ كعيد الحُب، وعيد شَمّ النسيم، وعيد رأس السَّنة الميلاديَّة، ومُشاركة المُشركين في ذلك، والفرَح بها أكثر منَ الفَرَح بأعياد المسلمين، وربما رفع بعضُهم شعارات عليها فينوس، ويقولون: (فينوس إله الحبِّ)، تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.

وقال أبو العالية، وطاوس، وابن سيرين، والضَّحَّاك، والربيع بن أنس، وغيرهم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} (١)، قالوا: هي أعياد المشركين" (٢).

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "لا تعَلَّمُوا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم" (٣).

ومن ذلك:

حب الهجرة إليهم، والاعتزاز بالتجنس بجنسيتهم، والافتخار بذلك، وفي الحديث: ((لا تُساكنوا المشركين، ولا تجامعوهم؛ فمن ساكنهم أو جامعهم، فليس منَّا)) (٤).

ومن ذلك:

السخرية من اللغة العربية لُغة القرآن، ومحبة لغة الأعاجم، والتحَدُّث بها، والافتخار بذلك، وتقديم مَن يجيدها وإن كان عدوًّا لله ورسوله.

دعاوى أهل النِّفاق في مُوالاة أعداء الدِّين:

١ - يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة:

ما حكى الله ذلك عنهم في قوله تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (٥)، يقول ابن كثير - رحمه الله -: "قال ابن إسحاق: وحَدَّثَني أبي، عن عبادة بن الوليد، عن عبادة بن الصامت، قال: لما حاربتْ بنو قينقاع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي، وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من بني عوف له من حلفهم مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي، فخلعهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله، أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفَّار وولايتهم.

قال: وفيه وفي عبد الله بن أبي نزلتِ الآيات من المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (٦)؛ يعني: عبد الله بن أبي إلى قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُ ونَ} (٧)؛ يعني: عُبادة بن الصامت" (٨).

٢ - يُسارعون فيهم يبتغون عندهم العزة:


(١) [الفرقان: ٧٢].
(٢) "تفسير ابن كثير: ٣/ ٣٩٩.
(٣) رواه البيهقي: ٩/ ٢٣٤.
(٤) "صحيح الجامع"، ح٦، ٨١٨.
(٥) [المائدة: ٥٢].
(٦) [المائدة: ٥١، ٥٢].
(٧) [المائدة: ٥٦].
(٨) "البداية والنهاية"؛ لابن كثير، ٢/ ٤٠٩ - ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>