للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عاش في تلك البقعة المباركة لمس الرزق فالخيرات تحمل إليها من كل بقعة طوال العام، قال ابن سعدي _رحمه الله_: "فإنك ترى مكة المشرفة كل وقت، والثمار فيها متوافرة، والأرزاق تتوالى إليها من كل جانب" (تيسير الكريم الرحمن ص ٤٢٧).

الرابع: مكة لا يطأها الدجال:

اختص الله مكة والمدينة بأن الدجال لا يدخلهما كما جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة" (أخرجه البخاري ٤/ ٩٥، ومسلم ٣/ ٢٢٦٥).

كم حرماً على وجه الأرض:

ثبت بالنصوص الصحيحة الصريحة حرمة مكة والمدينة، وهو قول عامة أهل العلم ولم يخالف في ذلك إلا أبو حنيفة فيما يتعلق بحرمة المدينة حيث ذهب إلى أن المدينة ليست بحرم، واختلف العلماء في وادي وج، وذهب الشافعي _رحمه الله_ إلى أن وجّاً حرم واستدل بحديث الزبير بن العوام أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "إن صيد وج وعضاهة حرام محرم لله" (أخرجه أبو داود ٢/ ٥٢٨، والبيهقي ٥/ ٢٠٠) وضعفه جماعة من العلماء لضعف محمد بن عبد الله الطائفي.

والصحيح أن وجاً ليس بحرم وهذا هو مذهب جمهور العلماء.

مضاعفة الصلاة في الحرم:

ثبت في الحديث الذي رواه جابر بن عبد الله _رضي الله عنه_ما أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه". (رواه أحمد ٣/ ٣٤٣، ٣٩٧) وفي إسناده مقال.

كما روى عبد الله بن الزبير _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة صلاة في هذا" (رواه أحمد ٤/ ٥، والبيهقي ٥/ ٢٤٦)، وورد الحديث موقوفاً على عبد الله بن الزبير وهو أصح من المرفوع كما ثبت موقوفاً على عمر _رضي الله عنه_ (ابن أبي شيبة ٢/ ٣٧١)، ومجموع هذه الأحاديث ترتقي إلى درجة الحسن وتعضدها الآثار الثابتة عن الصحابة.

فتخيل أيها القارئ الكريم كم يخرج المرء بأجر عظيم مضاعف إذا قسمت تلك المضاعفة على قدر الصلوات الخمس في اليوم والليلة ولكن هل هذه المضاعفة في صلاة الفريضة والنفل اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: إن المضاعفة تعم صلاة الفريضة والنفل وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة. (انظر مطالب أولي النهى ٢/ ٣٨٣، والفروع ١/ ٥٩٩).

القول الثاني: إن المضاعفة تختص بالفريضة فقط وهذا مذهب أبي حنيفة والمالكية. (انظر مشكل الآثار ١/ ٢٥١، وفتح الباري ٣/ ٦٨).

واستدل أصحاب القول الأول بعموم النصوص السالف ذكرها.

واستدل أصحاب القول الثاني بحديث زيد بن ثابت _رضي الله عنه_ عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة" (أخرجه البخاري ٢/ ٢١٤).

فلو كانت صلاة النافلة تضاعف في مسجده _صلى الله عليه وسلم_ لما أرشدهم _صلى الله عليه وسلم_ إلى الصلاة في بيوتهم.

وأجيب عن هذا القول بأجوبة منها:

١ - لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرهما وكذا في المسجدين.

٢ - أن الصلاة في البيوت تعظم ولا تضاعف لعدم وجود نص يفيد ذلك.

وجملة القول إن صلاة الفريضة والنافلة تضاعف في المسجد الحرام وعليه إطلاق الأحاديث الصحيحة كما أن صلاة النافلة في البيت خير من صلاتها في المسجد وحتى ولو كان المسجد من المساجد الثلاثة الفاضلة. (انظر نيل الأوطار ٣/ ٧٣).

مضاعفة الصلاة في الحرم المكي:

<<  <  ج: ص:  >  >>