للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق "فيه دليل أن القاضي ينبغي أن يحلم عن الخصوم ويتحمل منهم مثل هذه الكلمات (١) كما فعله شريح ولم يضجر ولم يغضب، وهكذا ينبغي للمفتي مع المستفتي (٢).

ثم ذكر (عن ابن سيرين قال قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: إني قضيت في الحد (٣) بقضايا مختلفة كل ذلك لا آلُ فيه عن الخير) أنّ المجتهد يخطئ ويصيب، وفيه دليل أيضًا فيه دليل على أن ما ثبت بالاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد فإنّ عمر - رضي الله عنه - لم ينقض شيئًا من قضاياه في الحد حين تغير اجتهاده والله أعلم.

قال (أبو بكر أحمد بن عمرو الخصاف) صاحب الكتاب رحمه الله (ينبغي للقاضي أن يقضي بما في كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- من الأحكام التي لم تنسخ) لأنّ الكتاب إمام المتقين وإمام كل دليل (فإن لم يجده في الكتاب قضى بما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فإنا أمرنا باتّباعه بقول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (فإن لم يجد نص جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بما اجتمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين) لأنّ ذلك سبيل المؤمنين وواجب سلوكه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين (٤) بعدي عضّوا عليها بالنواجذ (فإن لم يجتمعوا على شيء لكنهم اختلفوا فيه والقاضي من أهل الاجتهاد رجح قول البعض على البعض فأخذ بما هو الأقرب إلى الصواب عنده) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥) أصحابي كالنجوم بأيهم (٦) اقتديتم اهتديتم (فإن لم يجد عن الصحابة شيئًا أخذ بما اجتمع عليه التابعون رحمهم الله) لأن إجماع أهل كل عصر حجة لأنّه سبيل المؤمنين (فإن اختلفوا والقاضي من أهل الاجتهاد رجح قول البعض وأخذ بالأليق بالصواب والأقرب إلى الحق، فإن لم يجد عن التابعين شيئًا وهو من أهل الاجتهاد قاس الحادثة على نظيرها وردها إلى ما يشابهها، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد في جميع ذلك استفتى وسأل وأخذ بما يفتى به، ولا يقضي بغير علم (٧) ولا يستحي عن السؤال) فيدخل في موجب


(١) وفي س "وفيه دليل على أنه ينبغي للقاضي أن يحلم عن الخصوم ولا يضجر أن يسمع مثل هذا الكلام".
(٢) وفي س "وهكذا ينبغي للمفتي أن يحلم مع المستفتي في مثل هذا الخطاب ولا يضجر إذا سمع مثل هذا الكلام".
(٣) وفي س "في الحد" بالجيم وفي النسختين بالحاء، ولكل وجه والأظهر "الجد".
(٤) من س [إن المجتهد يخطئ ويصيب وفيه دليل أيضًا] أ. هـ.
(٥) وفي س "هذا إذا كان بينهم إجماعٌ فإن كان بينهم اختلاف فإن كان القاضي من أهل التمييز والنظر ميّز بين أقاويلهم ورجح قول البعض على البعض ونظر إلى أشبهها بالحق وأقربها إلى الصواب وأحسنها عنده وقضى به كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال .. إلخ".
(٦) وفي س "فبأيهم".
(٧) زيادة من س.

<<  <   >  >>