للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا، لأني ما علمت أن الخصوم يطلبون مني ما ليس في وسعي وذلك إصابة الحق بالاجتهاد لا محالة (١).

ثم ذكر (عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد (٢) فأخطأ فله أجر واحد) وهذا دليل على أن المجتهد يخطئ ويصيب فإن أصاب فله أجران: أجر الاجتهاد، وأجر إظهار الحق، وإن أخطأ فله أجر واحد وهو أجر الاجتهاد، لكن هذا إذا اجتهد في محل الاجتهاد بأن لم يكن هناك نص، فأما إذا كان المحل ليس بمحل الاجتهاد بأن كان هناك نص فأنه لا يثاب، وهو كالاجتهاد في القِبلة إن كان في محل الاجتهاد بأن لم يكن هناك علامات من محاريب وغير ذلك يجوز ويثاب أخطأ أو أصاب، فإن لم يكن محل الاجتهاد بأن كان هناك علامات من المحاريب وغير ذلك لا يثاب على الخطأ. وذكر بعد هذا حديث أبي هريرة وأنه يفيد مثل ما أفاد حديث عبد الله بن عمر.

ثم ذكر عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قضى بقضاء فقال له رجل: هذا والله الحق! فسكت عمر وعاد إلى القضاء فعاد الرجل إلى ذلك القول، فسكت عمر، وعاد إلى القضاء فعاد الرجل إلى ذلك القول، فقال عمر: ما يدريك؟ والله ما يدري عمر أصاب الحق أم أخطأ، ولكنه لا يأْلَ في هذا دليل أن المجتهد يخطئ ويصيب، وأفاد أيضًا أن من سمع كلامًا في غير محله لا ينبغي أن يرده في المرة الأولى، لأن المرة الواحدة قد تجري سهوًا أو غفلة، فإذا تكرر علم أنه عن قصد فيرد عليه وقول عمر - رضي الله عنه - لا يَأْل يعني لا يقصر (٣).

ثم ذكر (عن شريح أنه قضى بقضية فقال له رجل: والله! لقد قضيت عليّ بغير الحق، فقال له (٤) شريح: والله ما أنا بالشاق الشعرة شعرتين) يعني لست من المجتهدين الذين، يصيبون الحق بالاجتهاد (٥) لا محالة فإني لا أقدر عليه كما لا أقدر على شق الشعرة شعرتين، لكني اعتمد على قول الشهود وأعمل بالظاهر (٦) فبعد ذلك لا يضرني قولك "قضيت عليّ بغير


(١) زادت س "وفائدة الحديث أن المجتهد يخطئ ويصيب".
(٢) وفي س "واجتهد".
(٣) من م فقط.
(٤) لفظ له ساقط من الأصفية والسعيدية.
(٥) وفي ص "باجتهاد" وفي س "باجتهادهم".
(٦) وفي س "ولكنى إنما علي أن أعتمد البيّنة وأقضي بها وأتيت بما أمرت به".

<<  <   >  >>