للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله أعلم ذكر (أن رجلًا أتى أبا هريرة - رضي الله عنه - بغريم له فقال احبسه لي (١) فقال أبو هريرة هل تعلم له عين مال تأخذه قال لا قال فهل تعلم له عقارًا يكسره قال لا قال فما تريد قال أحبسه قال لا ولكن دعه يطلب لك ولنفسه ولعياله) أراد بالعين (٢) النقد من الدراهم والدنانير فإن هذا الاسم يقع على العروض وعلى الدراهم والدنانير لكن عند الإطلاق يراد به الدراهم والدنانيرِ وقوله عقارًا يكسره أي (٣) يبيعه بثمن وكسٍ لأنَّ البائع إذا كان مضطرًا (٤) في البيع فالغالب بيعه بثمن وكس (٥) فيكون ذلك كسرًا ودل الحديث (٦) على أن القاضي يحبس المديون حتَّى يبيع عقاره وإن كان لا يشتري إلَّا بأقل من ثمن مثله ثم أن أبا هريرة - رضي الله عنه - سأل الطالب ابتداء هل يعلم له مالًا وعندنا لا يسأل القاضي ذلك ما لم يسأله المدعى عليه بسؤال الطالب عن ذلك (٧) ودل الحديث على أنَّه متى ثبت إعسار المطلوب لا يحبسه القاضي فإنَّه قال حين طلب منه حبسه لا دعه يطلب والآية هكذا تقتضي قول الله -عزّ وجل- (٨) {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} وهذا لأن الحبس إنَّما كان ليضجر فيتسارع إلى قضاء الدين فإذا لم يكن له مال لم يتحقق هذا المعنى فلا يفيد شرع الحبس في هذه الحالة ذكر (عن طلق بن معاوية (٩) قال كان لي على رجل ثلاثمائة درهم فخاصمته إلى شريح فقال الرجل إنهم قد وعدوني أن يحسنوا إلي فقال شريح أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى


(١) بين المربعين زيادة من س.
(٢) وفي س قوله تعلم له عين مال تأخذ أراد به المال النقد لأنَّ العين يتناول العرض والنقد لكن عند الإطلاق يتناول النقد.
(٣) وفي س مكان أي يريد أراد به.
(٤) وفي س بعد قوله مضطرًا لا يشتري بقيمته وذلك مكان قوله في البيع إلى قوله كسرًا.
(٥) بين المربعين زيادة من ص.
(٦) وفي س فيه دليل على أن المديون إذا كان له عقار يحبس ليبيع فيقضي الدين وإن كان يشتري ذلك منه بثمن وكس.
(٧) وفي س ثم سأل أبو هريرة - رضي الله عنه - صاحب الدين هل تعلم له عين مال وهذا مذهبه وللقضاة في هذا مذاهب والمذهب عندنا أن القاضي لا يسأل المدعي حتَّى يسأل المدعى عليه من القاضي أن يسأل من المدعي على ما يأتي بيانه ثم لما قال الرجل لا قال أبو هريرة - رضي الله عنه - دعه يطلب لك ولنفسه ولعياله لأن المقصود من الحبس أن يضجر قلبه فيشتغل بوفاء الدين فإذا لم يكن له شيء لا يفيد الحبس هـ.
(٨) هكذا هو في الأصلين.
(٩) طلق بن معاوية النَّخعيُّ أبو غياث عن شريح القاضي وأبي زرعة بن عمرو وعنه جرير بن عبد الحميد وشريك وحفيده حفص بن غياث وثقه ابن حبان له عندهم فرد حديث خلاصة قلت روي له البُخاري في الأدب المفرد ومسلم والنَّسائيُّ.

<<  <   >  >>