للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-رضي الله عنهما-، قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: إذا ذكر الصالحون فَحيّهَلا بعمر (١) والله أعلم.

وذكر (عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كتب إلى شريح إذا جاءك شيء في كتاب الله فاقض به ولا يلهينك) وفي بعض النسخ يلغَينك (عنه الرجال) أي لا يمنعك من القضاء خشية محتشم (٢)، ثم قال: (فإن جاءك شيء ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانظر إلى ما اجتمع عليه الناس) لأن إجماع الأمة حجة، ثم قال (فإن جاء أمرَ ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ولم يتكلّم به أحد قبلك فاختر أي الأمرين شئت، إن شئت أن نجتهد وتتقدم فتقدّم) يعني إن شئت أن تجتهد فاجتهد رجاء أن توفق للصواب فيكون لك أجران (وإن شئت أن تتأخر فتأخر) يعني إن شئت أن تمتنع من الاجتهاد فامتنع مخافة أن تقصر في طريقه فتخطئ الحق، قال (ولا أرى التأخر إلَّا خيرًا لك) أي أسلم لدينك (٣)، قالوا هذا في زمانهم لأنه كان في المجتهدين كثرة فإذا امتنع الواحد عن الاجتهاد لم يضع حكم الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فأما في زماننا ففي المجتهدين قلة فلو امتنع عن الاجتهاد يؤدي إلى ضياع حكم من أحكام الله -عَزَّ وَجَلَّ- فلم يجز الامتناع.

ثم ذكر بعد هذا حديث لشريح أيضًا وهو مثل الأول لكن (٤) فيه زيادة لفظ (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥) "فإن لم يستبن لك في كتاب الله ولا في سنة رسول الله فاجتهد برأيك ولا تألُ") أي لا تقصر في الاجتهاد وطلب الصواب (٦).

ثم ذكر (عن عطاء بن السائب عن أبي البختري أن عمر - رضي الله عنه - استقضى رجلًا على الشام يقال له حابس بن سعد الطائي على قضاء حمص فقال له: يا حابس كيف تقضي؟ قال: أقضي بما في كتاب الله؛ قال فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: بسنة رسول الله! قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي وأستشير جلسائي! فقال


(١) وفي س (ثم أعاد حديث معاذ وفيه زيادة شيء ليس في الحديث الأول، فإنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإن جاء أمر، ليس في كتاب الله تعالى ولم يقض به نبيّه ولم يقض به الصالحون: الحديث، تكلموا أنه المراد بقوله: الصالحون؟ منهم من قال: الأنبياء والرسل، ومنهم من قال: أبو بكر وعمر فإنه روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر".
(٢) وفي س "أي لا يمنعنك عن القضاء حشمة محتشم".
(٣) وفي س "أسلم لك لدينك".
(٤) لفظًا لكن سقط في م، وفي س مكانه "و".
(٥) وفي س "فإنه قال عمر - إلخ" ولم يرفعه.
(٦) من ص، س؛ وكان في م "برأي".

<<  <   >  >>