للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأئمة السرخسي (١) المعتبر هو الغالب من أحوال المرء لأنَّه لا يوجد من يرتكب المحارم إلَّا وهو يفعل بعض المشروعات وينتدب إلى بعض ما ندب إليه ولا يوجد من يفعل المشروعات ويتبع الإذن إلَّا وهو يفعل بعض المحرمات فيعتبر في ذلك الغالب من أحواله فإن كان الغالب صلاحه فهو عدل وإلا فلا وقال المزني العدل من وافقت أعماله أعمال أهل الصلاح وكان ذا مرؤة يريد به حافظًا للسانه يخاف هتك ستره والحاصل ما ذكرنا من اعتبار الأغلب ذكر (عن عامر الشعبي قال شهادة الرجل جائزة ما لم يضرب حدًا (٢) أو يعلم خربة منه في دينه) يريد بالخربة (٣) الفساد في الدين وذلك لأنَّه متى ضرب الحد علم أنَّه ارتكب الحرام وكذلك متى علم منه فساد في الدين فهو مرتكب للحرام فلا يكون عدلًا ذكر (عن عمر - رضي الله عنه - أنَّه سأل رجلًا عن رجل فقال لا نعلم إلَّا خيرًا فقال عمر حسبك) (٤) اكتفى (٥) بذلك في التعديل لأنَّ هذا اللفظ يستعمل في التعديل وهو ظاهر لأنَّه متى قال لا أعلم إلَّا خيرًا فقد أخبر أنَّه يعلم منه الخير ولا يعلم غيره فكان تعديلًا ذكر (عن شريح أنَّه قال وأت على ذلك شهود


(١) قول الإمام السرخسي في س مؤخر عن أثر الشعبي وفيها زيادة أيضًا ولفظه فيها قال النسخ الإمام شمس الأئمة أبو بكر محمَّد بن أبي سهل السرخسي النَّاس لا يخلو عن ارتكاب الصغائر ولا يخلو عن إتيان ما هو مأذون له في الشرع فيجعل العبرة في ذلك للغالب يريد به في حق الصغائر فإن كان غالب حاله أنه يأتي بما هو مأذون به في الشرع ويحترز عما لا يحل له في الشرع كان جائز الشهادة بعد أن كان محترزًا عن كل الكبائر وإن كان غالب حاله أنَّه لا يحترز عما لا يحل في الشرع لا يكون جائز الشهادة وإن كان يأتي بالمأذون له شرعًا وذكر المزني في كتابه فقال إن كان عامة أفعاله موافقًا للشريعة فيكون حافظًا للمروءة يكون جائز الشهادة وحفظ المروءة أن يحفظ لسانه ويخاف من هتك الستر لأنَّه إذا كان بهذه الصفة يخاف من ظهور الكذب وقال القاضي أبو حازم أحسن ما نقل في هذا الباب ما روي عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري القاضي أنَّه قال العدل في الشهادة أن يكون مجتنبًا عن الكبائر ولا يكون مصرًا على الصغيرة ويكون صلاحه أكثر من فساده وصوابه أكثر من خطئه وأن يستعمل الصدق ديانة ومروءة والحاصل أن العبرة للغالب وقد نص صاحب الكتاب في آخر الباب أن العبرة في الصغائر للغالب بعد ما يحترز عن كل الكبائر على ما نبين.
(٢) زاد في س أو يعلم منه سخرية في دينه أو يعلم منه خزية في دينه اهـ وفي الأصفية أو يعلم عليه خربة في دينه.
(٣) لفظ الشَّرح في س لأنَّ الحد إنَّما يجب بإرتكاب ما لا يحل فإذا ضرب الحد فقد ظهر ارتكاب ما لا يحل فتسقط عدالته إلَّا أن تظهر توبته بعد ذلك وقوله خزية في دينه أي فساد في دينه فإنَّه إذا ظهر منه فساد في دينه ظهر منه ارتكاب ما لا يحل اهـ.
(٤) وفي س لا نعلم فيه إلَّا خيرًا فقال عمر حسبك حسبك.
(٥) لفظ شرح هذا الأثر في س في الحديث دليل على أنَّه إذا قالوا لا نعلم إلا خير اكتفي للتعديل وهذا لفظ يستعمل للتعديل، لأنَّ المسلمين إنَّما يعرفونه بالظاهر وما وراء ذلك غيب والغيب عند الله تعالى.

<<  <   >  >>