للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاضي به فهذا على وجهين (١) أما إن كان القول الثالث حقًا عند علماء أهل زمانه متفقون عليه أو كانوا مختلفين فيه فإن كانوا مختلفين فيه لا ينفذ قضاء القاضي) بالإجماع لأنّ اختلاف الصدر الأول على قولين إجماع منهم على إبطال ما سواهما والإجماع السابق لا يتغير لمكان الاختلاف اللاحق فكان القضاء واقعًا خلاف الإجماع فلا ينفذ وإن كان القول الثالث صوابًا عند علماء زمانه وهم مجمعون عليه فقد اختلف مشائخنا في نفاذ القضاء به قال بعضهم ينفذ) وإليه مال [صاحب كتابنا هذا (وقال بعضهم لا ينفذ وإليه مال القاضي] (٢) الإمام أبو الحسن علي السغدي والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي قال أستاذنا رحمه الله وهو الصحيح عندنا وهذا الاختلاف بناء على مسألة أصولية وهو أن الإجماع متى انعقد من المتقدمين على حكم ثم أجمع القرن الذين بعدهم على خلافه هل يعتبر هذا الإجماع الثاني حتى ينسخ به الأول أم لا قال بعضهم يعتبر وقال بعضهم لا يعتبر ووجه بناء الاختلاف فيما ذكرناه على الاختلاف في هذه المسألة أن العلماء متى اختلفوا على قولين فقد أجمعوا على بطلان ما عداهما وأنّ الحق لا يعدوهما فصار كالإجماع على الحكم ابتداءً فإذا اجتمع المتأخرون على قول ثالث فقد أجمعوا على خلاف ما أجمع عليه المتقدمون فهذا وجه البناء والله أعلم. (مسألة ولو أن رجلًا له على رجل مال و (٣) طالبه قال (٤) المطلوب إن لم أقضك مالك اليوم فامرأته طالق ثلاثًا أو قال فعبده حر فتغيب عنه الطالب فخشى المطلوب أن يحنث


(١) عبارة الشق الثاني في س هكذا وأما إن نقل فيها اختلاف المتقدّمين على قولين فقضى القاضي بقول ثالث فهذا على وجهين إما أن يكون ما قضى به خلاف علماء زمانه أو يوافق قول علماء زمانه ففي الأول لا ينفذ قضاؤه بالإجماع وفي الوجه الثاني اختلفوا فيه قال بعضهم ينفذ وإليه مال صاحب الكتاب وقال بعضهم لا ينفذ وإليه ذهب القاضي الإمام علي السغدي والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي وهذه مسألة أصولية وهي أن أهل العصر إذا اجتمعوا على شيء وانقرضوا ثم خالفهم من بعدهم من العلماء واتفقوا على قول خلاف ما اتفق عليه المتقدّمون هل يعتبر هذا منهم من قال يعتبروا إليه مال صاحب الكتاب ومنهم من قال لا يعتبر وإليه مالا وهو الصحيح ووجه البناء على هذه المسألة أن المتقدّمين لما اختلفوا على هذين القولين وتناظروا فأتى كل واحد منهم بالدلائل والحجج فقد أجمعوا على أنه ليس هاهنا قول ثالث فصار كما لو أجمعوا على قول واحد ثم أجمع من بعدهم على خلاف ذلك كانت المسألة مختلفة فكذا هاهنا بخلاف الوجه الأول من المسألة لأنّ في ذلك الوجه نقل عن المتقدمين أنّهم كانوا على هذا القول وما تناظروا وما أجمعوا على انعدام قول آخر فإذا ظهر قول آخر بخلاف ذلك القول من المتأخرين صارت الحادثة مختلفة فإذا قضى القاضي بأحد القولين كان القضاء في محل الاجتهاد فنفذ اهـ.
(٢) بين القوسين زيادة من الآصفية.
(٣) زيادة الواو وبه من س.
(٤) وفي س فقال إن لم أقض مالك اليوم فامرأتي طالق ثلاثًا أو قال فعبدي حر إلخ.

<<  <   >  >>