للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتغابن النّاس بمثله فهو على ما حكيناه، أما إذا كان يدّعي الشّرى بغبن فاحشٍ لا يتغابن به النّاس فإنّ القضاء لا ينفذ باطنًا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - على رواية هذا الكتاب في الهبة لأنّ قدر المحاباة هبة وتبرع، وقد ذكرنا أن القضايا بالهبة لا تنفذ باطنًا على رواية هذا الكتاب فالمحاباة كذلك، وقال بعضهم لا بَلْ ينفذ القضاء ظاهرًا وباطنًا في جميع الأحوال، لأنّ بيع ما يساوي أَلفًا بِدِرْهَمٍ له حكم المبادلة بدليل أنَّ المكاتب إذا فعله صحّ منه وإن كان لا يملك التبرّع ومتى كان مبادلة كان القضاء به نافذًا ظاهرًا وباطنًا.

فَصْلٌ

(فلو كان (١) البائع هو الّذي يدّعي البيع والمشتري ينكر وباقي المسألة على (٢) حاله) يعني أن الشهود شهود زور والمشتري يعلم أنّه لم يشتر (فهذا والأوّل سواء عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - وهو قول أبي يوسف الأوّل وينفذ القضاء ظاهرًا وباطنًا حتّى حلّ وطئها للمشتري وحرّم على البائع، وقال أبو يوسف أخيرًا ومحمد ينفذ القضاء ظاهرًا لا باطنًا فإن رضي المشتري بذلك وسعه أن يطأها إن كانت جارية ويلبس الثوب إن كانت الدّعوى فيه، وإن هو لم يرض وكان يطلب حجّة ينقض بها الحكم فلا يسعه) لأنّ البيع انعقد من جانب المدّعي برضاه فنفذ شرط العقد (٣) ويصير كأن القاضي تولى العقد من الجانب الآخر بغير رضاه فيتوقف على اختياره، فإن رضي نفذ، وإن لم يرض لا، فلو كان (٤) مجمعًا على الخصومة وعلى نقض البيع لو قدر ثمّ وطئ الجارية [أو ركب الدابة أو أكل الطعام أو لبس الثوب] (٥) كان ذلك رِضًا بالبيع ولا يسعه (٦) الخصومة في نقضه، قال صاحب الكتاب (لأنّ البيع قد وجب برضاه) وهذه إشارة إلى ما قلنا من المعنى والله أعلم.


(١) وفي س هذا إذا ادّعى المشتري وأنكر البائع ولو كان البائع هو المدّعي للبيع والمشتري ينكر وقامت البيّنة على ذلك وأنفذ القاضي القضاء والشهود شهود زور والمشتري يعلم أنّه لم يشترِ فعند أبي حنيفة وأبي يوسف الأول هذا والأول سواء ينفذ القضاء باطنًا حتى حل للمشتري وطئها وأما عند أبي يوسف الآخر وهو قول محمد إن رضي المشتري بذلك يسعه أن يطأها ويلبس ويأكل ويركب إن كانت الدعوى في ذلك وإن لم يرض وكان بطل حجته فيقضي بها الحاكم فلا يسعه اهـ. كذا في الأصلين السعيدي والصواب يطلب حجته كما في الأصلين.
(٢) كذا في الأصلين والظاهر أن الصواب على حالها.
(٣) وفي س فوجد شطر العقد وهو الصواب.
(٤) وفي س فلو أنه مجمع على الخصومة أي عازم عليها وعلى نقض البيع إن قدر إلخ.
(٥) بين المربعين زيادة من س.
(٦) وفي س فلا.

<<  <   >  >>