للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليعرفوا وقت الحضور، ولا ينادي للنساء ويبعث عجوزة أمينة تخبرهن بذلك.

قال (وإذا اجتمع على باب القاضي أرباب شهود وأرباب أيمان من الغرباء والنساء (١) وغيرهم فرأى القاضي أن يقدم أرباب الشهود في أول المجلس فله ذلك) لأنا أمرنا بإكرام الشهود وتوقيرهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اكرموا الشهود فإنّ الله -عزّ وجل- يحيي بهم الحقوق"، وتركهم على باب القاضي ليس من الإكرام في شيء (وإن رأى تقديم أرباب الأيمان فله ذلك أيضًا) لأن فصل الخصومة باليمين أيسر لأنه يحتاج في الشهادة إلى تعديل الشهود والنظر في لفظ الشهادة وذلك ربما يطول فيفصل خصومات الأيمان ثم يبقى مع أرباب الشهود (وإن رأى تقديم الغرباء في أول كل مجلس فله ذلك) لأنّ قلب الغريب معلق بأهله ووطنه، فلو كثر ترداده ربما يمل فيذهب ويترك حقه ضائعًا فيكون الضياع مضافًا إلى فعل القاضي، ولكن هذا إذا لم يكثر الغرباء، فأما إذا كثروا فأنه يعتمد السبق (٢) أو القرعة على حسب ما ذكرنا (ثم القاضي إذا رأى (٣) التقديم لأجل الغربة لا يصدقه في قوله: "إني غريب عازم على الرجوع" بل يسأله البينة على أنه غريب عازم على الرجوع) هكذا روي عن محمَّد رحمه الله، وإنما كان كذلك لأنه يدّعي أمرًا يتقدم به على غيره فلابدّ فيه من البيّنة، لكن لا يشترط العدالة في هذه البيّنة ويكتفي فيه بشهادة المستور (٤)، ومن أصحابنا من قال: يسأله مع من يريد السفر، ثم يسأل الرفقة أنهم متى يخرجون وأن فلانًا هل يخرج معكم وهل استعدّ للسفر؟ فإن أخبروا بذلك عمل عليه. وهذا لا يختص بهذا الفصل بل هو كذلك في حكم يُبْتَنَى على السفر، حتى أن المستأجر إذا أراد السفر وطلب فسخ الإجارة لأجل ذلك فالطريق في معرفته ما ذكرنا فإن أخبروا به تحقق العذر فجاز الفسخ، وإلا فلا (٥).


(١) وفي س "والغرباء والنساء".
(٢) وفي س "ولكن هذا إذا لم يكن بالغرباء كثرة، أما إذا كان يعتمد في ذلك السبق - إلخ".
(٣) وفي س "فإن رأى".
(٤) وكان في م "ويكتفي في شهادة المستور" وفي الأصل ص "ويكتفي بشهادة المستور" وفي س "وشهادة المستور تكفي".
(٥) وعبارة الشرح في س: وهذا ليس في هذا الفصل خاصة بل في الإجارة كذلك، فإن الإجارة تفسخ بسبب العذر من جهة المستأجرين السفر ونحوه، وبمجرد قوله "إني أريد السفر" لا يثبت العذر ولا يفسخ به الإجارة، ولكن يسأل القاضي مع من يريد الخروج ثم يسأل رفقته أنهم متى يخرجون وأن فلانًا هل يخرج معهم وهل استعدّ للسفر؟ فإن قالوا "نعم" حينئذٍ يتحقق العذر فينسخ الإجارة، فكذا هاهنا، وفي أخذ الكفيل كذلك، على ما يأتي بيانه في الباب التاسع والعشرين.

<<  <   >  >>