للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث يوم الثلاثاء) وهذا لأنه لابد من يوم يستريح فيه القاضي تحرزًا عن الملال ولينظر في أمور نفسه ويقوم بمصالح أهله، وكان الرسم في زمن أبي حنيفة - رضي الله عنه - يوم البطالة يوم السبت وكان المدرس لا يدرس يوم السبت، وفي زمن الخصاف كان يوم البطالة مترددًا بين الاثنين والثلاثاء فمن القضاة من يختار يوم الثلاثاء ومنهم من يختار يوم الاثنين. فلهذا لم يجزم القول في يوم البطالة (١).

قال رحمه الله: وفي زماننا الرسم للبطالة يوم الثلاثاء، لأن القضاء (٢) من جنس أعمال السلطان وعمال السلطان (٣) لا يشتغلون بالأعمال يوم الثلاثاء (٤)، قالوا: لأنه يوم دم قتل قابيل فيه هابيل، فعلى هذا يجعل الاسم الثالث يوم الاثنين يوم (٥) الاسم الرابع يوم الأربعاء ثم الخميس (٦) على الترتيب المذكور ويتفرع على هذا أن القاضي إذا كان يرزق من بيت المال هل يستحق الكفاية في يوم البطالة، قال مشايخ بلخ: لا يستحق ويحط من رزقه بقدره، ومشايخ ديارنا يعني ما وراء النهر، يفتون بأنّه يستحق، قال: وهو الأصح، لأنه في يوم البطالة يستريح فيتقوّى على فصل الخصومات فكانت منفعة ذلك راجعة إلى المسلمين فيستحق عليهم الرزق، ألا تراه (٧) كيف يستحق ما يحتاج إليه في الليل وإن كان لا يشتغل فيه بفصل الخصومات! ونظيره رجل أوصى برقاب نخيله لإنسان وبالثمرة لآخر وكانت (٨) النخيل تثمر سنة وتحول سنة (٩) فنفقة ذلك وما يحتاج إليه من السقي في السنين جميعًا على الموصى له بالثمرة، لأنها متى أحالت في سنة كثرت ثمرتها في الأخرى فكانت المنفعة (١٠) عائدة إلى الموصى له بالثمرة فتكون النفقة (١١) عليه. ثم إذا فرغ القاضي من الإضبارات وعرف يوم كل إضبارة أمر مناديًا ينادي إضبارة (١٢) فلان اليوم الفلاني، وفلان اليوم الفلاني،


(١) وفي م "زمن البطالة"؛ وفي س "فلهذا أمر بالنظر والرسم في زماننا - إلخ".
(٢) وفي س "لأن عمل القضاء".
(٣) و (٤) ما بين الرقمين ساقط من م.
(٥) كذا، ولعل الواو أو "ثم" سقط هنا من الأصل أي: ثم يوم الاسم الرابع - إلخ".
(٦) وفي س "ويقولون إنه يوم دم، لأن قابيل قتل هابيل في هذا اليوم، فقال للخصوم: إن يوم البطالة يوم الثلاثة ثم يوم الأربعاء ثم يوم الخميس - إلخ".
(٧) وفي س "ألا ترى".
(٨) وفي س "ونظيره ما قال في الوصايا. إذا أوصى برقاب النخل لإنسان وبالثمار لإنسان وكان - إلخ" والظاهر أن الباء من "برقاب" سقطت أو هي منصوب بنزع الخافض منهما فزدناها من س.
(٩) وفي س "ولا تثمر سنة أخرى".
(١٠) وفي س "لأنها متى خابت سنة أكثرت الثمار في السنة الأخرى فيكون منفعة ذلك - إلخ".
(١١) وفي س "المؤونة".
(١٢) من س، م؛ وفي س "لإضبارة". ومحل العبارة هذه من قوله "ثم إذا فرغ من س قبل ذلك بعد قوله "بندقة".

<<  <   >  >>