للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رقعته أولًا ثم ثانيًا إلى آخر الترتيب. وإن كان القاضي لا يقدر على فصل الكل في يوم واحد أخذ الكاتب الرقاع كما ذكرنا ثم فرقها على الأيام في كل يوم خمسين أو أكثر أو أقل على قدر طاقة القاضي للجلوس لهم والصبر عليهم، وجعل ذلك ضبائر وكتب لكل إضبارة رقعة صغيرة (١) يكتب فيها اسم رجل من تلك الإضبارة مشهور (٢)، ثم يجعل كل رقعة في بندقة كما وصفنا ثم يقرع بين الضبائر فيجعل للإضبارة الأولى يوم السبت والثانية يوم الأحد على هذا الترتيب، ويعلم كل واحد منهم أن اسمه في إضبارة كذا مع فلان الذي هو أشهرهم، ويثبت اسم ذلك الأشهر على الإضبارة أيضًا ليقع التمييز وليعرف كل خصم متى يومه فيحضر في ذلك اليوم كيلا يكثر تردادهم على باب القاضي. وفي هذه الحالة -أعني حالة كثرة الرقاع-، يحتاج إلى الإقراع مرتين، مرة بين الإضبارات، ومرة بين الأسامي التي في كل إضبارة، كما يفعله الإِمام في باب المغانم فإنه يعدل أنصباء العرفاء ويقرع فيما بينهم ثم يعدل أنصباء الرايات ويقرع فيما بينهم: الأول على سبيل الجملة والثاني على سبيل الأفراد، كذلك ما ذكرنا من الضبائر والأسامي.

قال الشيخ الإِمام شمس الأئمة أبو بكر محمَّد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله: ما اعتمده الخصاف من الرقاع حسن، ولكن ما اعتمده المشايخ قبله من اعتبار السبق أحسن، لأنه ربما يكون في الخصومات ما يحتاج فيه إلى النظر والمشورة فإذا اعتمد القرعة وأعلم الخصوم نوبتهم أنها في اليوم الفلاني فحضروا قد لا يقدر على فصل جميع تلك الخصومات في ذلك اليوم، لما قلنا إنه يحتاج إلى النظر والتأمل، فيكون ذلك خلفًا فيجب التحرّز عنه بالعمل، وذلك بالعمل على السبق وما قالوه من أن اعتبار السبق يؤدي إلى منازعة قد يمكن دفعه بأن يبعث القاضي أمينًا في المسجد فيحفظ ترتيب حضور الخصوم (٣).

قال الخصاف رحمه الله (ويقول: من خرج اسمه أولًا فله يوم السبت، والاسم الثاني يوم الأحد، والاسم الثالث (٤) اليوم الذي يجلس فيه القاضي بعد يوم الأحد، فإن كان يجلس يوم الاثنين قال لهم: يوم الاثنين، وإن كان ممن لا يجلس يوم الاثنين قال لهم: الاسم


(١) و (٢) وفي س "فيها اسم أشهرهم".
(٣) وفي عبارة السعيدية في تعبير مقولة الإِمام شمس الأئمة هكذا: "ما اعتمده الخصاف عليه حسن، وما اعتمد المتقدمون من المشائخ قبل الخصاف أحسن، لأنه متى اعتمد القرعة وأعلم الخصوم توبتهم يوم السبت أو يوم الأحد وإنما يمكنه فصل الخصومات إذا كانت الحجج واضحة أو كان الفصل بالإيمان، فأما إذا كان على وجه يحتاج القاضي في تلك الخصومات إلى المشاورة والنظر والاجتهاد لا يأتي على الكل في ذلك اليوم فيصير مخلفًا للوعد، فيجب التحرز عن هذا بالاعتماد على السبق".
(٤) وفي س "ثم قال في الكتاب إضبارة الأول يوم السبت إلخ. والثاني يوم الأحد والثالث - إلخ".

<<  <   >  >>