للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يقدر عليها بنفسه في كل ما يحتاج إليه فيتخذ لذلك كاتبًا، ثم شرط ما شرط (١) لأنّ الكتابة من أعمال القضاء فيشترط في القيم بها ما يشترط في القيم بالقضاء (٢)، ثم قال (ويتخذ أعوانًا يكونون بين يديه) وهذا لوجهين، أحدهما أن مجلس القضاء يجب أن يكون مهيبًا، فلو لم يكن له أعوانًا ربما يستخف به (٣) فيذهب حشمة مجلس القضاء وهيبته، ولهذا لا ينبغي (٤) للقاضي أن يمشي في الأسواق وحده تحرّزًا عن ذهاب هيبته؛ والثاني أنه يحتاج إلى إحضار الخصوم وذلك منه بنفسه سبب، لسقوط حرمته، وهم لا يحضرون بأنفسهم فلابدّ من أعوان لذلك (٥)، ثم قال (فإذا أراد أخذ الرقاع وجه كاتبه قبل ذلك إلى المسجد فأخذ رقاع الناس) قال (٦) رحمه الله وكان المتقدمون من المشايخ قبل الخصاف يعتمدون على السبق في تقديم الخصوم بعضهم على بعض، فمن كان أسبق قدم فصل خصومته، والخصاف رحمه الله اعتمد على الرقاع، لأنّ الاعتماد على السبق يؤدّي إلى المنازعة، لأن كل واحد منهم يدّعي السبق فيحتاج القاضي إلى فصل هذه الخصومة فيما بينهم أيضًا، فكان الاعتماد على الرقاع أولى؛ وله أصل في الشرع، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فمن خرجت قرعتها سافر بها؛ ولأنه أنفى للتهمة (٧) فيفعله، وهذا لأن للقاضي ولاية البداية بسماع خصومة أيهم شاء، وكان (٨) له الإقراع نفيًا للتهمة؛ كما في قسمة التركة لما كان له البداية بتعيين نصيب أيهم شاء كان له أن يقرع نفيًا للتهمة، كذا هاهنا.

وصورة الرقاع أن يكتب في كل رقعة اسم المدعي واسم أبيه واسم خصمه، (٩) فإن كانت الرقاع كثيرة ينظر القاضي، فإن كان يمكنه من حيث الظن والحزر أن يفصل بين الكل في يوم واحد أقرع بين جميع الرقاع، فيجعل كل رقعة في طين قدر بندقة ويبندقها ويخلطها ويجعلها تحت شيء، ثم يأمر إنسانًا يدخل يده فيخرج واحدة واحدة، فيقوم من خرجت


(١) وفي س "ثم شرط أن يكون ورعًا مسلمًا".
(٢) وفي س "فيشترط في الكاتب ما يشترط في القاضي".
(٣) و (٤) وفي س "فيذهب بمهابته، ألا ترى أنه لا ينبغي - إلخ".
(٥) وفي س "ولا يمكنه ذلك بنفسه وهم لا يحضرون بأنفسهم فيتخذ أعوان ليحضروا الخصوم مجلس القضاء".
(٦) أي الإمام حسام الدين الصدر الشهيد شارح الكتاب رحمه الله.
(٧) وفي س "وهذا لأن القاضي لو ابتدأ بخصومة واحد منهم كان له ذلك لكنه يتهم بالميل فيقرع نفيًا للتهمة".
(٨) كذا في ص، م، والصواب "فكان"؛ وفي س "وهذا لأن كل ما للقاضي أن يفعل بنفسه كان له أن يقرع نفيًا للتهمة، ألا ترى أن القاضي إذا قسم التركة فإنه يقرع، لأن له أن يعين نصيب كل واحد بدون القرعة بينهم، فكان له أن يقرع نفيًا للتهمة - إلخ".
(٩) وفي س "اسم المدعي واسم المدعى عليه".

<<  <   >  >>