للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرجع إلى غيره، (١) كما في قيم المتلفات القاضي إنما يرجع إلى غيره متى لم يكن هو عالمًا بذلك، أما إذا كان عالمًا يعرف ذلك بنفسه فإنه لا حاجة له إلى الرجوع إلى غيره (وإن كان القاضي لا يعرف عدالة الشهود فقد ذكرنا أن قول القاضي المعزول ليس بحجة) لأنه صار كواحد من الرعيّة (فيأخذ من المحبوس كفيلًا بنفسه ثم يطلقه وينظر في أحوال الشهود ويسأل عنهم فإن ظهرت عدالتهم رده إلى الحبس وإلّا فلا) وإنما كان كذلك لأنه ما لم تظهر (٢) عدالة الشهود لم يظهر الحق عليه فلا يستحق الحبس لكن لا يطلقه من غير كفيل لأن القاضي ناظر للمسلمين وكمال النظر (٣) هنا والاحتياط في أخذ الكفيل، حتى إذا عدلت البينة قدر على إعادته.

قال (فإن كان في المحبَّسين قوم لم يحضر لهم خصماء (٤) لم يعجل بإطلاقهم لكنه يبلى العذر فيأمر مناديًا ينادي كل يوم إذا جلس من كان له حق قبل فلان فليحضر ليجمع بينه وبين خصمه، فإن من رأى القاضي أن يطلقه يفعل ذلك أيامًا (٥) ثم يطلقه) وهذا كان يفعل عند عرض اليمين على الخصم إذا نكل يقول له كل مرة "إن حلفت وإلّا قضيت عليك بالمال لمكان نكولك" ففعل ذلك ثلاثًا ثم يقضي عليه (٦)، عاد إلى المسألة فإن [حضر خصم لأحد منهم جمع بينه وبينه وإن لم يحضر تأنّى في ذلك أيامًا على حسب ما يرى القاضي ولم يعجل بإطلاقه فإن] (٧) لم يحضر خصم أحد منهم (٨) أخذ منهم كفيلًا بأنفسهم ثم أطلقهم بعد التأني) أما عدم الإقرار في الحبس فلأنه لم يظهر عليهم حق يستوجبون به الحبس وأخذ الكفيل احتياطًا والله أعلم. قيل ما ذكر من أخذ الكفيل في هاتين المسألتين إحداهما إذا أنكر المحبوس الحق فشهد عليه شهود لا يعرف القاضي عدالتهم، والثانية إذا لم يحضر خصم أصلًا إنما هو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، أما على قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - فإنه لا يأخذ منه كفيلًا بناء على مسألتين أخراوين، إحداهما: القاضي إذا قسم التركة


(١) وفي س "في باب الإتلاف إنما يرجع في معرفة قيم المتلفات إلى تقويم المقومين، إذا لم يعرف القيمة بنفسه، أما إذا عرف لا يرجع".
(٢) وفي م "لأنه متى لم تظهر" وفي س "لما لم تظهر".
(٣) زيد هنا في الأصل وحده "والاحتياط" وليس في م.
(٤) في س "وادعوا أنهم حبسوا بغير حق وأنه ليس لهم خصم، فإن القاضي يبلى عذره".
(٥) وفي س "فإن حض وإلّا من رأى القاضي أن يطلقه ينادي أيامًا كذلك".
(٦) وفي س "فإذا لكل في المرة الثالثة وجه عليه القضاء، فكذا هنا".
(٧) بين المربعين زيادة من س.
(٨) سقطة من م، وفي س "لأحد منهم خصم".

<<  <   >  >>