للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله (١) {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ (٢) وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} أراد به أن يحكم الزّوجان حكمًا لاختيار المقام أو لاختيار الفرقة، فلمّا جاز التّحكيم في حقّ الزّوجين دلّ ذلك على جواز التّحكيم في سائر الخصومات والدّعاوي، وقد ذكر صاحب الكتاب أثارًا عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن التّابعين (٣) منهم عمر بن الخطاب وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وأبو عبيدة وعبد الله بن عتبة -رضي الله عنهم- كلّها تدل جواز التحكيم (قال وإذا حكّم الرّجلان بينهما حكمًا فلكلّ واحد منهما أن يرجع عن ذلك ويخرج [الحكم] (٤) ممّا كانا جعلا إليه [من أمرهما] (٤) ما لم يمض الأمر إليهما) (٥) لأنّ المحكم في حقّهما بمنزلة القاضي المولى في حقّ السلطان، والسّلطان لو عزل القاضي المولى قبل الحكم صحّ كذا هاهنا (٦) فإن قيل التّحكيم إنّما ثبت (٧) باتّفاقهما فينبغي أن لا يصحّ الإخراج إلّا باتّفاقهما أيضًا (٨) قلنا له (٩) يجوز أن لا يثبت العقد إلّا باتفاقهما ثمّ ينفرد أحدهما بالإبطال كما في المضاربة والشّركة وهذا لأنّه لم يرض أحدهما بهذا التحكيم، ولو لم يرضى في الابتداء لا يصحّ التّحكيم، فإذا لم يرض بعد ذلك لا يبقى التّحكيم فإذا أمضى الحكم عليهما فليس لكلّ واحد (١٠) منهما أن يرجع عن ذلك، لأنّ السلطان لو عزل القاضي المولى بعد ما قضى لا يبطل ذلك القضاء، فكذا في حقّ المحكم في حقّهما (لكن ينبغي للقاضي إذا رفع إليه حكم هذا المحكم أن ينظر فيها فإن كان موافقًا لرأيه وللحقّ عنده أمضاه وإن كان مخالفًا لرأيه وللحقّ عنده ردّه) فرق بين هذا وبين ما إذا رفع إلى القاضي قضيّة قاضٍ آخر فإنّه لا يردّه وإن كان مخالفًا لرأيه إذا كان ذلك في فصل مجتهد فيه، والفرق هو أنّ (١١) الحاكم المحكّم له ولاية على المحكّمين وليس له ولاية على غيرهما [والقاضي الذي رفع إليه حكمهما غيرهما] (١٢) فلا يكون حجّة عليه وهو (١٣) بمنزلة الصّلح في حقّه فكان له أن يردّه إذا كان [ذلك] (١٣) مخالفًا لرأيه ويمضيه إذا كان موافقًا لرأيه، فأمّا القاضي فله (١٤) ولاية على النّاس كافّة فكان قضاؤه حجّة في حقّ الكلّ فلا يكون لهذا القاضي أن يردّه إذا (١٥)


(١) وفي س في الحديث دليل على جواز التحكيم وأنه ورد موافقًا لكتاب الله تعالى قال الله تعالى.
(٢) وفي س بعد أهله الآية.
(٣) وفي س والتابعين.
(٤) زيادة من س.
(٥) وفي س ما لم يمض الحكم عليهما.
(٦) وفي س فكذا هذا.
(٧) وفي س يثبت.
(٨) أيضًا ساقط من س.
(٩) وفي س قيل له.
(١٠) وفي س لواحد.
(١١) وفي س والفرق أن.
(١٢) زيادة من س.
(١٣) وفي س فكان وفي الآصفية وكان.
(١٤) وفي س له.
(١٥) وفي الآصفية إذ.

<<  <   >  >>