للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر (رجاء بن أبي سلمة (١) قال: قال الحسن بن رستم لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين! ما لك لا تقبل الهدية وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلها؟ قال عمر: إنها كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هدية، وإنها اليوم رشوة) ولكلامه هذا وجهان: أحدهما أن المهدي في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يلتمس ما لا يحل له من المهدى إليه ولا كان يقصد بهديته سوى التودد والتحبب، فأما في زماننا فقد فسد الناس حتى صار المهدي يطلب ما لا يحل لأجل الهدية فصارت رشوة، والوجه الثاني سنذكره بعد هذا إن شاء الله تعالى (٢).

ذكر بعد هذا (عن خيثمة (٣) قال قال عمر - رضي الله عنه -: بابان من السحت يأكلهما الناس، الرشا ومهر الزانية) أما الرشا فلما ذكرنا، وأما مهر الزانية فلما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن مهر البغي وهي الزانية، من البغا وهو الزنا، ولأن الزنا حرام، فأخذ العوض عنه يكون حرامًا.

ذكر بعد هذا (عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: هدايا الأمراء غلول) ووجهه أن عِزة الأمراء بقوة الجنود وبقوة المسلمين، فما يصل إليها من الأموال يكون مشتركًا بين الكل، فإذا خص الأمير نفسه كان ذلك خيانة وغلولًا، بخلاف هدايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنها على خلاف هذا لأن تعزز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان بقوة الجنود والناس، إنما كان بقوة نفسه، فلم يكن ذلك غلولًا، وهذا هو الوجه الثاني لكلام عمر بن عبد العزيز على ما تقدم (٤).

ذكر (عن يحيى بن سعيد قال: لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن رواحة إلى أهل خيبر أهدوا


(١) كذا في الأصلين، والظاهر "ذكر عن رجاء" فسقط "عن" من الأصلين، وفي س: "ذكر عن الحسن بن رستم أنه قال لعمر بن عبد العزيز الحديث".
في الخلاصة: رجاء بن أبي سلمة مهران، البصري أبو المقدام الفلسطيني عن عمر بن عبد العزيز والزهري، وعنه الحمادان وحمزة بن ربيعة، وثقه ابن معين وغيره، قال حمزة: مات سنة إحدى وستين ومائة. قلت: هو من رجال النسائي وابن ماجه وأبي داود.
(٢) ولفظ س في شرح الأثر. "أشار عمر - رضي الله عنه - إلى أن الزمان قد فسد، والمهدي يلتمس ما لا يحل له في الشريعة، فلو قبل كان رشوة، وهذا لا يتصور في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت هدية".
(٣) لعله خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي الكوفي الذي روى عن أبيه وعلي وأبي هريرة وعائشة وجماعة، وعنه إبراهيم والحكم وعمرو بن مرة وطلحة بن مصرف، روى له الستة، مات سنة ثمانين من الخلاصة ملخصًا.
(٤) عبارة س في شرح الحديث: "وإنما كان لأن تعزز الأمير ومنعته بالجند وبالمسلمين لا بنفسه فكانت الهدية لجماعة المسلمين بمنزلة الغنيمة، فإذا استبد به كان ذلك منه خيانة، بخلاف هدايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن تعززه ومنعته كان بنفسه لا بالمسلمين فصارت الهدية لنفسه لا للمسلمين".

<<  <   >  >>