للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه فرده فقال: هي سحت) (١) لم يذكر تمام الحديث هاهنا، وقد ذكره محمد في المزارعة وبين كيفية ذلك، وهذا لما ذكرنا أن ما كان هدية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صار رشوة لفساد الناس (٢).

ذكر (عن يحيى بن سعيد أيضًا قال: كتب عمر إلى أهل العراق: إن لنا هدايا دهاقيننا) الدهاقين هم رؤوس العجم (٣) من أهل الذمة ممن كان عليهم الخراج والجِزا (٤) وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يتوسعون في قبول هَداياهم لأنهم كانوا يهدون للتودد والتحبب لا لطلب أمر حرام واعتادوا ذلك، وكانوا يستوحشون برد هداياهم فلذلك توسع الصحابة رضوان الله عليهم في قبول هداياهم، ثم هم مختلفون [أعني الصحابة] منهم من كان يقبل هداياهم ولا يحسبها لهم من الخراج، وعمر وعلي -رضي الله عنهما- كذلك فعلا، ومنهم من كان يقبلها ويحسبها لهم من الخراج وعمر بن عبد العزيز كان يفعل ذلك، وكان الأصل في تسويغ الخراج هذا فإنه لا أصل له سواه (٥).

ثم ذكر (٦) (أنه قدم معاذ بن جبل - رضي الله عنه - من اليمن برقيق في زمن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال له عمر: ادفعهم إلى أبي بكر! فقال له معاذ: ولم أدفعهم إليه رقيقي؟ فانصرف إلى منزله ولم يدفعهم، فنام ليلته، ثم أصبح من الغد فدفعهم إلى أبي بكر، فقال له عمر ما بدا لك؟ فقال: رأيتني فيما يرى النائم كأني أرى نارًا أهوي فيها فأخذت بحجزتي فمنعتني من دخولها فظننت أنهم الرقيق؛ فقال له أبو بكر: هم لك! فلما


(١) وفي س "هو سحت".
(٢) ذكرت س شرح الحديث بهذ اللفظ: "لم يذكر صاحب الكتاب تمام الحديث، ومحمد بن الحسن رحمه الله ذكر تمامه في أول كتاب المزارعة نذكر تأويله إذا انتهينا إليه في شرح المختصر ا. هـ" قلت: المراد بالمختصر المختصر الكافي للحاكم الشهيد أبي الفضل محمد المروزي، علم من هذا أن للشارح شرحًا عليه كما ذكره أيضًا في مواضع من شرح النفقات.
(٣) وفي س "رؤساء العجم".
(٤) وفي س "والجزية".
(٥) وفي س من قوله "لأنهم كانوا يهدون" العبارة هكذا: "وهذا لأن الهدية كانت عادتهم وكانوا لا يلتمسون شيئًا وإنما كانوا يهدون على وجه التودد والتحبب، وكانوا يستوحشون برد هدايهم، فلا يتمكن فيه معنى الرشوة، فلهذا كانوا يقبلون، ثم كانوا مختلفين فيما يتفهم منهم من يقبل الهدية منهم ولا يحتسب ذلك من الخراج، ومنهم من يقبل ويحتسب ذلك لهم من الخراج، فعمر وعلي -رضي الله عنهما- كانا ممن يقبل ولا يحتسب ذلك من الخراج، وعمر بن عبد العزيز كان ممن يقبل ويحتسب ذلك من الخراج، وأصل توسيع الخراج هذا".
(٦) وفي س "ذكر عن سفيان قال قدم الحديث".

<<  <   >  >>