للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يعرف حقيقة الحال، فإن قضى بشهادة شاهدين دفع الاحتراق عن نفسه وإن خالف احترق في نفسه.

ثم ذكر حديث (أبي هريرة - رضي الله عنه - (١) والله لَيَرْمين الله القضاة يوم القيامة بشررٍ أعظم من هضاب حِسْمَى) "والشرر" هي النار قال الله تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ} والمراد به النار، و"حسمى" اسم موضع، "والهضاب" تلال، جمع هضبة وهو اسم جبال صغار في حسمى وقيل "حِسمى" على ميزان "كسرى" وهو اسم جبل عظيم وهذا وإن قيل في تأويله أن المراد منه الجائر، لكنه بظاهره يتناول الكل (٢).

ثم ذكر عن (عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: ويل لديان أهل الأرض من ديان أهل السماء يوم يلقونه، إلَّا من أمَّ العدل وقضى بالحق ولم يقض لهوىً ولا لقرابة ولا لرهبة ولا لرغبة، وجعل [كتاب الله تعالى مرآة بين عينيه) والمراد من] (٣) الديان الحاكم، ولهذا كان من صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- (٤) فكأنه يقول: ويل لحاكم أهل الأرض من الله -عَزَّ وَجَلَّ- وهو القادر الديان على التمام. وقوله: "إلَّا من أمَّ العدل" أي قصده وقضى بالحق، قال (٥) "وجعل كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- مرآة بين عينيه".

ثم ذكر (عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أنه قضى على رجل بقضية، فقال: والله! لقد قضيت علي بجور وما آلوت فيه) يعني ما قصرت قال الله تعالى {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} يعني لا يقصرون في إفساد أموركم) فقال وكيف ذلك؟ قال: شهد علي بزور فقال عمران: ما قضيت عليك فهو من مالي، ووالله لا أجلس مجلسي هذا أبدًا) وإنما ضمن ذلك الملك على طريق التبرع لأنه لم يكن واجبًا عليه، وإنما قال "لا أجلس مجلسي هذا أبدًا" لأن القاضي إنما يعتمد على قول الشاهد ويبالغ في التأمل ليخلص عن ورطة الوبال ثم قد يقع مثل (٦) هذا الحادثة فكان الأحوط الامتناع أصلًا (٧) والله أعلم بالصواب.


(١) وفي س "وذكر عن سيمان بن جنيد قال حدثني من سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: والله - إلخ".
(٢) وفي س "لكن بظاهره يتناول القضاة العادل والجائر جميعًا، وفائدة الحديث ما قلنا".
(٣) بين المربعين زيادة من س.
(٤) وفي س "والمراد من ديان أهل الأرض: الحاكم، ومن ديان أهل السماء: هو الله تعالى".
(٥) زيد في الأصلين "من الحديث" وليس الزيادة في س.
(٦) كذا في الأصول، "في مثل".
(٧) وفي س "فالصواب هو الامتناع".

<<  <   >  >>