قال والده: مات ولدى عقيل. وكان قد تفقه وناظر، وجمع أدبا حسنا، فتعزّيت بقصة عمرو بن عبد ودّ الذى قتله على رضى الله عنه، فقالت أمه ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله … ما زلت أبكى عليه دائم الأبد
لكنّ قاتله من لا يقاد به … من كان يدعى أبوه بيضة البلد
فأسلاها، وعزاها جلالة القاتل، وفخرها بأن ابنها مقتوله. فنظرت إلى قاتل ولدى الحكيم المالك، فهان علىّ القتل والمقتول لجلالة القاتل.
وذكر عن الإمام أبى الوفاء: أنه أكب عليه وقبّله، وهو فى أكفانه.
وقال: يا بنىّ، استودعتك الله الذى لا تضيع ودائعه. الرب خير لك منى.
ثم مضى، وصلّى عليه بجنان ثابت. رحمه الله.
ومن شعر عقيل هذا:
شاقه والشوق من غيره … طلل عاف سوى أثره
مقفر إلا معالمه … واكف بالودق من مطره
فانثنى والدمع منهمل … كانسلال السلك عن درره
طاويا كشحا على نوب … سبحات لسن من وطره
رحلة الأحباب عن وطن … وحلول الشيب فى شعره
شيم للدهر سالفة … مستبينات لمختبره
وقبول الدر مبسمها … أبلج يفترّ عن خضره
هزّ عطفيها الشباب كما … ماس غصن البان فى شجره
ذات فرع فوق ملتمع … كدجى أبدى سنا قمره
وبنان زانه ترف … ذاده التسليم عن خفره
خصرها يشكو روادفها … كاشتكاء الصبّ من سهره
نصبت قلبى لها غرضا … فهو مصمىّ بمعتوره
وزهت تيها كأنّ لها … منبتا تزهى بمفتخره
وأناخت فى فنا ملك … دنت الأخطار عن خطره