للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥١ - المعمر بن علي]

بن المعمر بن أبى عمامة البقال البغدادىّ، أبو سعد الفقيه الواعظ. ريحانة البغداديين

ولد سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وسمع من ابن غيلان، وأبى محمد الخلال والجوهرىّ، وأبى القاسم الأزجى، وغيرهم.

وكان فقيها مفتيا، وواعظا بليغا فصيحا، له قبول تام، وجواب سريع، وخاطر حاد، وذهن بغدادىّ. وكان يضرب به المثل فى حدّة الخاطر، وسرعة الجواب بالمجون، وطيب الخلق، وله كلمات فى الوعظ حسنة، ورسائل مستحسنة.

وجمهور وعظه حكايات السلف. وكان يحصل بوعظه نفع كثير. وكان فى زمن أبى على بن الوليد شيخ المعتزلة، يجلس فى مجلسه، ويلعن المعتزلة.

وخرج مرة فلقى مغنية قد خرجت من عند تركى فقبض على عودها، وقطع أوتارها، فعادت إلى التركىّ فأخبرته، فبعث من كبس دار أبى سعد وأفلت، واجتمع بسبب ذلك الحنابلة، وطلبوا من الخليفة إزالة المنكرات كلها، كما سبق ذكر ذلك فى ترجمة الشريف أبى جعفر.

وكان أبو سعد يعظ بحضرة الخليفة المستظهر والملوك. وقال يوما للمستظهر فى وعظه: أهون ما عنده أن يجعل لك أبواب العراص توابيت.

ووعظ «نظام الملك» الوزير مرة بجامع المهدى، فقال:

الحمد لله ولى الإنعام، وصلّى الله على من هو للأنبياء ختام، وعلى آله سرج الظلام، وعلى أصحابه الغرّ الكرام. والسلام على صدر الإسلام. ورضىّ الإمام. زينه الله بالتقوى، وختم له بالحسنى، وجمع له بين خير الآخرة والدنيا.

معلوم يا صدر الإسلام، أن آحاد الرعية من الأعيان مخيّرون فى القاصد والوافد:

إن شاءوا وصلوا، وإن شاءوا فصلوا، وأما من توشح بولاية فليس مخيرا فى القاصد والوافد؛ لأن من هو على الخليفة أمير، فهو فى الحقيقة أجير، قد باع زمنه وأخذ ثمنه. فلم يبق له من نهاره ما يتصرف فيه على اختياره، ولا له أن يصلى

<<  <  ج: ص:  >  >>