للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفلا،، ولا يدخل معتكفا، دون الصدد لتدبيرهم، والنظر فى أمورهم، لأن ذلك فضل، وهذا فرض لازم.

وأنت يا صدر الإسلام، وإن كنت وزير الدولة، فأنت أجير الأمة، استأجرك جلال الدولة بالأجرة الوافرة؛ لتنوب عنه فى الدنيا والآخرة، فأما فى الدنيا: ففى مصالح المسلمين. وأمّا فى الآخرة: فلتجيب عنه ربّ العالمين. فإنه سيقفه بين يديه، فيقول له: ملّكتك البلاد، وقلدتك أزمّة العباد. فما صنعت فى إفاضة البذل، وإقامة العدل؟ فلعله يقول: يا ربّ اخترت من دولتى شجاعا عاقلا، حازما فاضلا، وسمّيته قوام الدين ونظام الملك، وها هو قائم فى جملة الولاة وبسطت بيده فى الشرط والسيف والقلم، ومكنته فى الدينار والدرهم، فاسأله يا ربّ:

ماذا صنع فى عبادك وبلادك؟.

أفتحسن أن تقول فى الجواب: نعم، تقلدت أمور البلاد، وملكت أزمة العباد، وبثثت النوال، وأعطيت الإفضال، حتى إذا قربت من لقائك، ودنوت من تلقائك، اتخذت الأبواب والبواب، والحجاب والحجاب؛ ليصدّوا عنى القاصد، ويردّوا عنى الوافد؟.

فاعمر قبرك كما عمرت قصرك، وانتهز الفرصة ما دام الدهر يقبل أمرك، فلا تعتذر، فما ثمّ من يقبل عذرك.

وهذا ملك الهند. وهو عابد صنم ذهب سمعه، فدخل عليه أهل مملكته يعزونه فى سمعه، فقال: ما حسرتى لذهاب هذه الجارحة من بدنى، ولكن تأسفى لصوت المظلوم لا أسمعه فأغيثه، ثم قال: إن كان قد ذهب سمعى فما ذهب بصرى فليؤمر كل ذى ظلامة أن يلبس الأحمر، حتى إذا رأيته عرفته فأنصفته.

وهذا «أنوشروان» قال له رسول ملك الروم: لقد أقدرت عدوّك عليك بتسهيل الوصول إليك. فقال: إنما أجلس هذا المجلس لأكشف ظلامة، وأقضى حاجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>