للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجيلى؛ لأنه وسعها وسكن بها، فعرفت به. وللمخرّمى ذرية فيهم شيوخ تصوف، ورؤساء ذوو ولايات، ورواة حديث.

ولأبى سعد المخرمى مع ابن عقيل مناظرة فى مسألة بيع الوقف إذا خرب وتعطل. ونحن نذكر مضمون المناظرة ملخصا:

قال ابن عقيل: أنا أخالف صاحبى فى هذه؛ لدليل عرض لى، وهو أنّ الباقى بعد التعطل والدروس صالح لوقوع البيع وابتداء الوقف عليه، فإنه يصح وقف هذه الأرض العاطلة ابتداء، فالدوام أولى. ألا ترى أن الرّدّة والعدة يمنعان ابتداء النكاح، ولا يمنعان دوامه؟.

اعترض عليه المخرّمي، فقال: يحتمل أن لا أسلم ما عولت عليه فى صحة إنشاء وقفها، بل لا يصح وقف ما يجب نقله؟.

قال ابن عقيل: هذا لا يجوز أن يقال جملة، فإنك تقول: تباع ويصرف ثمنها فى وقف آخر. فهذه المالية التى قبلت البيع، وهو عقد معاوضة مستأنف كيف لا يصلح لبقاء دوام عقد قد انعقد بشروطه؟ وأكثر ما يقدر أن المسجد بقى فى بريّة، فيصلح لصلاة المارة والقوافل، ويصحّ أن يستأجر البقعة أهل قافلة لإيقاف دوابهم، وطرح رحالهم، وهذا القدر من بقاء مالية الأصل والمنافع، وقبولها للعقود المستجدة، لا يجوز معه قطع دوام الوقف.

قلت: هذا ليس بجواب؛ لما قاله المخرّمى من منع صحة إنشاء وقفها، فإن أكثر ما يفيد هذا: أن وقفيتها لم تزل بالخراب، والمخرمى موافق على ذلك، ولكنه يقول: إنه يجوز أو يجب بيعها وصرف ثمنها إلى مثلها، وهذا شئ آخر.

ولم يستدل ابن عقيل على صحة إنشاء وقفها.

فإن قال: فإذا صح إنشاء عقد البيع عليها صح إنشاء الوقف.

قلنا: هذا ممنوع، فكم من عين يصحّ بيعها، ولا يصح وقفها. فإنّ الواقف إنما يصح فى عين يدوم نفعها مع بقائها. ولو جاز وقف ما يجب بيعه ونقله لجاز بيع

<<  <  ج: ص:  >  >>