للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم زال ذلك، وعاد إلى الصحة، ثم مرض فأوصى أن يعمق قبره زيادة على ما جرت به العادة، وقال: لأنه إذا حفر ما جرت به العادة لم يصلوا إلي، وأن يكتب على قبره (٦٨:٣٨، ٦٩ {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ. أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)} وبقى ثلاثة أيام قبل موته لا يفتر من قراءة القرآن، إلى أن توفى يوم الأربعاء قبل الظهر ثانى رجب سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. وصلّى عليه بجامع المنصور. وحضر قاضى القضاة الزينبى، ووجوه الناس وشيعناه إلى مقبرة باب حرب، فدفن إلى جانب أبيه، قريبا من بشر الحافى رضى الله عنه.

قلت: وحدّث القاضى أبو بكر بالكثير من حديثه، وسمع منه الأئمة الحفاظ وغيرهم، وأثنوا عليه.

قال ابن الخشاب عنه: كان مع تفرده بعلم الحساب والفرائض، وافتنانه فى علوم عديدة، صدوقا، ثبتا فى الرواية، متحريا فيها.

وقال ابن ناصر عنه: كان إماما فى الفرائض والحساب، وهو آخر من حدث عن البرمكى، وذكر جماعة.

وكان سماعه صحيحا، ومتعه الله بعقله وسمعه وبصره وجوارحه إلى حين وفاته. ولم يخلف بعده من يقوم مقامه فى علمه. وكان قد خرجت له مجالس سنة ثمان عشرة، فأملاها بالجامع من دار الخليفة.

وقال ابن شافع: سمعت ابن الخشاب يقول: سمعت قاضى المارستان يقول:

قد نظرت فى كل علم حصلت منه بعضه أو كله، إلا هذا النحو فإنى قليل البضاعة فيه.

قال ابن شافع: وما رأيت أبا محمد - يعنى: ابن الخشاب - يعظم أحدا من مشايخه تعظيمه له. وكان أبو القاسم بن السمرقندى يقول: ما بقى مثله ويطريه فى الثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>