قلت: وقد صنف أبو حكيم تصانيف فى المذهب والفرائض. وصنف شرحا للهداية. كتب منه تسع مجلدات، ومات ولم يكمله.
وحدث، وسمع منه جماعة منهم: ابن الجوزى، وعمر بن على القرشى الدمشقى وله نظم.
وقال ابن القطيعى: أنشدنى أحمد التاجر، أنشدنى إبراهيم بن دينار الفقيه لنفسه:
يا دهر إن جارت صروفك واعتدت … ورميتنى فى ضيقة وهوان
إنّي أكون عليك يوما ساخطا … وقد استفدت معارف الإخوان
قال القطيعى: وقرأت فى كتاب أبى حكيم النهروانى بخطه:
وإنّي لأذكر غور الكلام … لئلا أجاب بما أكره
أصم عن الكلم المحفظات … وأحكم والحكم بى أشبه
إذا ما آثرت سفاهة السفيه … علىّ، فإنى أنا الأسفه
فكم من فتى يعجب الناظرين … له ألسن وله أوجه
ينام إذا حضر المكرمات … وعند الدناءة يستنبه
قال: وقرأت فى كتابه بخطه:
عجبا لى وقد مررت بآثارك … إنّي اهتديت نهج الطريق
أترانى أنسيت عهدك … فيها؟ صدقوا، ما لميت من صديق
قال ابن الجوزى: رأيت بخطه - يعنى: أبا حكيم - على ظهر جزء له: رأيت ليلة الجمعة عاشر رجب سنة خمس وأربعين - فيما يرى النائم - كأن شخصا فى وسط دارى قائما، قلت: من أنت؟ قال: أنا الخضر. قال: تأهب للذى لا بد منه من الموت الموكل بالعباد، ثم كأنه علم أنى أريد أن أقول له: هل ذلك عن قرب؟ فقال: قد بقى من عمرك اثنا عشر سنة تمام سنى أصحابك. وعمرى يومئذ خمس وستون سنة.