للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن السمعانى: سمعت عبد الوهاب بن المبارك الحافظ يقول: سأل واحد أبا الوفاء بن القواس عن مسألة فى حلقته بجامع المنصور، وكان الشيخ ممن قد رأى السائل فى الحمام بلا مئزر، مكشوف العورة، فقال له: لا أجيبك عن مسألتك حتى تقوم ههنا فى وسط الحلقة، وتخلع قميصك وسراويلك، وتقف عريانا، فقال السائل: يا سيدنا، أنا أستحيى، وهذا مما لا يمكن، فقال له:

يا فلان، فهؤلاء الحضور، أو جماعة منهم الذين كانوا فى الحمام، ودخلت مكشفا بلا مئزر، إيش الفرق بين جامع المنصور والحمام؟ فاستحيى الرجل من ذلك.

ثم ذكر فصلا طويلا فى النهى عن كشف العورة، وأجاب عن سؤاله.

وقال ابن عقيل: كان حسن الفتوى، متوسطا فى المناظرة فى مسائل الخلاف إماما فى الإقراء، زاهدا شجاعا مقداما، ملازما لمسجده، يهابه المخالفون، حتى إنه لما توفى ابن الزوزنى، وحضره أصحاب الشافعى - على طبقاتهم وجموعهم - فى فورة أيام القشيرى وقوتهم بنظام الملك حضر، فلما بلغ الأمر إلى تلقين الحفار قال له: تنحّ حتى ألقنه أنا، فهذا كان على مذهبنا، ثم قال: يا عبد الله وابن أمته، إذا نزل عليك ملكان فظّان غليظان، فلا تجزع ولا ترع، فإذا سألاك فقل:

رضيت بالله ربّا، وبالإسلام دينا، لا أشعرى ولا معتزلى، بل حنبلى سنّى. فلم يتجاسر أحد أن يتكلم بكلمة، ولو تكلم أحد لفضخ رأسه أهل باب البصرة.

فإنهم كانوا حوله قد لقّن أولادهم القرآن والفقه، وكان فى شوكة ومنعة، غير معتمد عليهم، لأنه أمة فى نفسه.

حدّث عن الشيخ أبى الوفاء جماعة، منهم: عبد الوهاب الأنماطى، وأبو القاسم ابن السمرقندى، وعلىّ بن طراد الزينبى، والقاضى أبو بكر الأنصارى، وغيرهم.

وتوفى يوم الجمعة سابع عشر شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة. ودفن إلى جانب الشريف أبى جعفر بدكة الإمام أحمد رضى الله عنه، ليس بينه وبينه غير قبر الشريف رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>