للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وكان مشهورا، تزوره العامة والخاصة، وزرناه فى قريته الفارسية، وبتنا عنده، وتحدث معنا، وفرح بنا. وقال - وقد خضنا فى أخبار الصفات -:

قال بعض مشايخنا: أخبار الصفات صناديق مقفلة، مفاتيحها بيد الرحمن.

وذكره أبو شامة، فقال: كان من الأبدال، لازما لطريق السلف. أقام أربعين سنة لم يكلم أحدا. كذا قال. وهو بعيد جدا من حاله. وذكر من بعض كراماته من تسخير السباع له. وليس تحته كبير أمر.

قال: وسمع قاضى المارستان، وابن الحصين، وابن الطيورى، وغيرهم.

كذا قال. ولم يذكر هذا ابن نقطة، ولا الدبيثى، ولا القطيعى، ولا المنذرى.

فما أدرى من أين له هذا؟ نعم كان فى زمنه رجل يقال له: الحسن بن عبد الرحمن ابن الحسن الفارسى الصوفى، من صوفية رباط الزوزنى، روى عن القاضى أبى بكر وغيره، فلعله اشتبه عليه وهذا توفى بعد الحسن بن مسلم بسنتين، سنة ست وتسعين

ثم رأيت ابن القادسى ذكر: أن الحسن هذا سمع من قاضى المارستان.

قال: وكان أحد الزهاد الأوتاد، والأبدال العباد، الموصوفين بالتقى والسداد، يصوم النهار ويقوم الليل، بقى أربعين سنة لم يكلم فيها أحدا، كثير الاجتهاد فى العبادة، كثير البكاء، غزير الدمعة، رقيق القلب، له الفراسة الصائبة.

حدثنى والدى قال: كنت عنده وعنده شخص وهما يتحادثان فى الزراعة، فقلت فى نفسى: هذا زاهد، وهو يتكلم فى حديث الدنيا؟! فالتفت إليّ عاجلا، وقال: أى أحمد، ما نصل إلى الآخرة إلا بالدنيا. وهذه الحكاية تردّ قوله:

إنه كان لا يتكلم أربعين سنة.

وحدث الحسن بن مسلم، وسمع منه جماعة، وروى عنه ابن خليل وغيره.

وتوفى فى يوم الأحد حادى عشر المحرم سنة أربع وتسعين وخمسمائة بالقادسية. ودفن من الغد برباط له بها.

وقيل: توفى يوم عاشوراء. وقيل: يوم ثانى عشر المحرم. والأول الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>