للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سخيا، له القبول التام، مع العبادة والورع والمجاهدة، كأن كلامه الضياء، وكان قد عود الناس شيئا لم يروه من غيره، وذلك: أن كل من احتاج إلى قرض شيء يمضى إليه، فيجتال له حتى يحصل له ما يطلب، حتى صار عليه من ذلك ديون، وكثير من الناس لا يرجع يوفيه.

قال ابن الحاجب: ولو اشتغل حق الاشتغال ما سبقه أحد، ولكنه تارك.

وقال غيره: عقد أبو موسى مجلس التذكير، ورغب الناس فى حضوره، وكان جم الفوائد، يطرز مجلسه بالبكاء والخشوع، وإظهار الجزع.

وقال المنذرى: الحافظ أبو موسى، حدث بدمشق ومصر وغيرهما، اجتمعت به لما قدم مصر للغزاة بثغر دمياط.

قال الذهبى: وروى عنه الضياء، وابن أبى عمر، وابن البخارى، وجماعة كثيرون. وآخر من روى عنه إجازة: القاضى تقى الدين سليمان، ومع هذا فقد غمزه الناصح ابن الحنبلى، وأبو المظفر سبط ابن الجوزى بالميل إلى السلاطين، والانقطاع إلى الملك الصالح.

والعجب: أن هذين الرجلين كانا من أكثر الناس ميلا إلى الملوك، والتوصل إليهم، وإلى برهم بالوعظ وغيره. وما أحسن قول القائل:

لا تنه عن خلق وتأتى مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم

ولقد كان أبو موسى أتقى لله وأورع، وأعلم منهما وأكثر عبادة، وأنفع للناس، وبنى الملك الأشرف دار الحديث بالسفح على اسمه، وجعله شيخها، وقرر له معلوما، فمات أبو موسى قبل كمالها.

توفى رحمه الله يوم الجمعة، خامس رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة، ودفن بسفح قاسيون رحمه الله.

ورآه بعضهم فى النوم، فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: أسكننى على بركة رضوان. ورآه آخر، فسأله، فقال: لقيت خيرا. فقال له: كيف الناس؟ قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>