للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنا وافدة الناس والعلماء والحفاظ إليك، فإما أن تنتهى عن هذه المقالات، وتتوب التوبة النصوح، كما تاب غيرك، وإلا كشفوا للناس أمرك، وسيروا ذلك فى البلاد وبينوا وجه الأقوال الغثة، وهذا أمر تشور فيه، وقضى بليل، والأرض لا تخلو من قائم لله بحجة، والجرح لا شك مقدم على التعديل، والله على ما نقول وكيل، وقد أعذر من أنذر.

وإذا تأولت الصفات على اللغة، وسوغته لنفسك، وأبيت النصيحة، فليس هو مذهب الإمام الكبير أحمد بن حنبل قدس الله روحه، فلا يمكنك الانتساب إليه بهذا، فاختر لنفسك مذهبا، إن مكنت من ذلك، وما زال أصحابنا يجهرون بصريح الحق فى كل وقت ولو ضربوا بالسيوف، لا يخافون فى الله لومة لائم، ولا يبالون بشناعة مشنع، ولا كذب كاذب، ولهم من الاسم العذب الهنى، وتركهم الدنيا وإعراضهم عنها اشتغالا بالآخرة: ما هو معلوم معروف.

ولقد سودت وجوهنا بمقالتك الفاسدة، وانفرادك بنفسك، كأنك جبار من الجبابرة، ولا كرامة لك ولا نعمى، ولا نمكنك من الجهر بمخالفة السنة، ولو استقبل من الرأى ما استدبر: لم يحك عنك كلام فى السهل، ولا فى الجبل، ولكن قدر الله، وما شاء فعل، بيننا وبينك كتاب الله وسنة رسوله، قال الله تعالى (٥٩:٤ {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)} ولم يقل: إلى ابن الجوزى.

وترى كل من أنكر عليك نسبته إلى الجهل، ففضل الله أوتيته وحدك؟ وإذا جهّلت الناس فمن يشهد لك أنك عالم؟ ومن أجهل منك، حيث لا تصغى إلى نصيحة ناصح؟ وتقول: من كان فلان، ومن كان فلان؟ من الأئمة الذين وصل العلم إليك عنهم، من أنت إذا؟ فلقد استراح من خاف مقام ربه، وأحجم عن الخوض فيما لا يعلم، لئلا يندم.

فانتبه يا مسكين قبل الممات، وحسّن القول والعمل، فقد قرب الأجل،

<<  <  ج: ص:  >  >>