إذا ما بدت منه الطليعة آذنت … بأنّ المنايا خلفها تتطلع
فإن قصّها المقراض صاحت بأختها … فتظهر تتلوها ثلاث وأربع
وإن خضبت حال الخضاب لأنّه … يغالب صنع الله، والله أصنع
فيضحى كريش الديك فيه تلمّع … وأقطع ما يكساه ثوب ملمّع
إذا ما بلغت الأربعين فقل لمن … يودك فيما تشتهيه وتسرع
هلموا لنبكى قبل فرقة بيننا … فما بعدها عيش لذيذ ومجمع
وخلّ التصابى، والخلاعة، والهوى … وأمّ طريق الحق، فالحقّ أنفع
وخذ جنّة تنجى وزادا من التقى … وصحبة مأمون، فقصدك مفزع
قال: وأنشدنا إسماعيل بن السمرقندى، أنشدنا التميمى لنفسه:
مررنا على رسم الديار فسلّمنا … وقلنا له: يا ربع أين نأوا عنّا؟
وجدنا بدمع كالرذاذ على الثّرى … فصمّ المنادى، فانصرفنا كما كنّا
وما ذاك إلاّ أنّ رسم ديارهم … به كالذى نلقى فقد زادنا حزنا
فلما أيسنا من جواب رسومهم … نزلنا فقبلنا الثرى قبل أن رحنا
ومن شعره:
يا ويح هذا القلب ما حاله … مشتغلا فى الحى بلباله
سكران لو يصحو لعاتبه … وكيف بالعتب لمن حاله
دمع غزير، وجوى كامن … يرحمه من ذاك عذّاله
ما ينثنى باللوم عن حبّه … تغيّرت فى الحب أحواله
قال: وأنشدنا لنفسه:
ولم أستطع يوم الفراق وداعه … بلفظى فناب الدمع منّي عن القول
وشيّعه صبرى ونومى كلاهما … فعدت بلا أنس نهارى ولا ليلى
فلما مضى أقبلت أسعى مولّها … يدى على رأسى وناديت: يا ويلى
تبدّلت يوم البين بالأنس وحشة … وجرّرت بالخسران يوم النوى ذيلى