للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كثير العبادة والأوراد والصلاة. لكن يقال: إنه كان يتعبد على وجوه غير مشروعة، كالصلاة فى وقت النهى.

وذكر عنه بعض أقاربه: أنه رأى عنده شيئا من آثار الجن.

وقد رأيت لأبى العباس القرافى المالكى صاحب «القواعد» كلاما حسنا فى التعبير، فرأيت أن أذكره ههنا.

قال: اعلم أن تفسير المنامات قد اتسعت تقييداته، وتشعبت تخصيصاته، وتنوعت تفريعاته بحيث صار لا يقدر الإنسان يعتمد على مجرد المنقولات لكثرة التخصيصات بأحوال الرائين، بخلاف تفسير القرآن الكريم، والتحدث فى الفقه، والكتاب والسنة، وغير ذلك من العلوم. فإن ضوابطها محصورة، أو قريبة من الحصر. وعلم المنامات منتشر انتشارا شديدا، لا يدخل تحت ضبط.

لا جرم ان احتاج الناظر فيه - مع ضوابطه وقوانينه - إلى قوة من قوى النفس المعينة على الفراسة والاطلاع على المغيبات، بحيث إذا توجه الحزر إلى شئ لا يكاد يخطئ، بسبب ما يخلفه الله تعالى فى تلك النفس من القوة المعينة على تقريب الغيب أو تحقيقه. فمن الناس من هو كذلك. وقد يكون ذلك عاما فى جميع الأنواع. وقد يهبه الله تعالى ذلك باعتبار المنامات فقط، أو بحسب علم الرمل فقط، فلا يفتح له صحة القول والنطق فى غيره. ومن ليس له قوة نفس فى هذا النوع، صالحة فى ذلك لعلم تعبير الرؤيا لا يكاد يصيب إلا على الندور، فلا ينبغى له التوجه لعلم التعبير. ومن كانت له قوة نفس هو الذى ينتفع بتعبيره. وقد رأيت من له قوة نفس مع القواعد. فكان يتحدث بالعجائب والغرائب فى المنام اللطيف، ويخرج منه الأشياء الكثيرة، والأحوال المتباينة، ويخبر فيه عن الماضيات والحاضرات والمستقبلات، وينتهى فى المنام اليسير إلى نحو مائة من الأحكام بالعجائب والغرائب، حتى يقول من لا يعلم أحوال قوى النفوس: إن هذا من الجان والمكاشفة، وليس كما قال، بل هو قوة نفس، تجد بسببها تلك

<<  <  ج: ص:  >  >>