للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكن كان هو وجماعة من خواص أصحابه ربما أنكروا من الشيخ كلامه فى بعض الأئمة الأكابر الأعيان، أو فى أهل التخلى والانقطاع ونحو ذلك.

وكان الشيخ رحمه الله لا يقصد بذلك إلا الخير، والانتصار للحق إن شاء الله تعالى.

وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقائهم: كانوا يحبون الشيخ ويعظمونه، ولم يكونوا يحبون له التوغل مع أهل الكلام ولا الفلاسفة، كما هو طريق أئمة أهل الحديث المتقدمين، كالشافعى وأحمد وإسحاق وأبى عبيد ونحوهم، وكذلك كثير من العلماء من الفقهاء والمحدثين والصالحين كرهوا له التفرد ببعض شذوذ المسائل التى أنكرها السلف على من شذبها (١)، حتى إن بعض قضاة العدل من أصحابنا منعه من الإفتاء ببعض ذلك.

قال الذهبى: وغالب حطه على الفضلاء والمتزهدة فبحق، وفى بعضه هو مجتهد، ومذهبه توسعة العذر للخلق، ولا يكفر أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه.

قال: ولقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية، واحتج لها ببراهين ومقدمات، وأمور لم يسبق إليها، وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا، وجسر هو عليها، حتى قام عليه خلق من علماء مصر والشام قياما لا مزيد عليه، وبدّعوه وناظروه وكابروه، وهو ثابت لا يداهن ولا يحابى، بل يقول الحق المرّ الذى أدّاه إليه اجتهاده، وحدة ذهنه، وسعة دائرته فى السنن والأقوال، مع ما اشتهر عنه من الورع، وكمال الفكر، وسرعة الإدراك، والخوف من الله، والتعظيم لحرمات الله.

فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قد رموه عن قوس واحدة، فينجيه الله فإنه دائم الابتهال، كثير الاستغاثة،


(١) ما كان الشيخ رضى الله عنه إلا محييا لآثار السلف رضى الله عنهم من الصحابة والتابعين. وليس كل من تقدم قبل زمن الشيخ يكون من السلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>