للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كثيرا من الدكاكين التى من شأنها أن تفتح أول النهار. وفتح باب القلعة.

وكان نائب السلطنة غائبا عن البلد، فجاء الصاحب إلى نائب القلعة، فعزاه به وجلس عنده، واجتمع عند الشيخ فى القلعة خلق كثير من أصحابه، يبكون ويثنون، وأخبرهم أخوه زين الدين عبد الرحمن: أنه ختم هو والشيخ منذ دخلا القلعة ثمانين ختمة، وشرعا فى الحادية والثمانين، فانتهيا إلى قوله تعالى (٥٤:٥٤، ٥٥ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)}

فشرع حينئذ الشيخان الصالحان: عبد الله بن المحب الصالحى، والزرعى الضرير - وكان الشيخ يحب قراءتهما - فابتدأ من سورة الرحمن حتى ختما القرآن.

وخرج الرجال، ودخل النساء من أقارب الشيخ، فشاهدوه ثم خرجوا، واقتصروا على من يغسله، ويساعد على تغسيله، وكانوا جماعة من أكابر الصالحين وأهل العلم، كالمزى وغيره، ولم يفرغ من غسله حتى امتلأت القلعة بالرجال وما حولها إلى الجامع، فصلى عليه بدركات القلعة: الزاهد القدوة محمد بن تمام. وضج الناس حينئذ بالبكاء والثناء، وبالدعاء والترحم.

وأخرج الشيخ إلى جامع دمشق فى الساعة الرابعة أو نحوها. وكان قد امتلأ الجامع وصحته، والكلاسة، وباب البريد، وباب الساعات إلى الميادين والفوارة. وكان الجمع أعظم من جمع الجمعة، ووضع الشيخ فى موضع الجنائز، مما يلى المقصورة، والجند يحفظون الجنازة. من الزحام، وجلس الناس على غير صفوف، بل مرصوصين، لا يتمكن أحد من الجلوس والسجود إلا بكلفة. وكثر الناس كثرة لا توصف.

فلما أذن المؤذن الظهر أقيمت الصلاة على السدة، بخلاف العادة، وصلوا الظهر، ثم صلوا على الشيخ. وكان الإمام نائب الخطابة علاء الدين ابن الخراط لغيبة القزوينى بالديار المصرية، ثم ساروا به، والناس فى بكاء ودعاء وثناء، وتهليل وتأسف، والنساء فوق الأسطحة من هناك إلى المقبرة يدعين ويبكين

<<  <  ج: ص:  >  >>