فلما كان في بعض الأعوام عجز المشتري عن زراعة الحقل، أو ترك ذلك اختيارا منه، وأراد، متى جاء ماء البائع الذي له فيه شرب الحقل المذكور، ألا يترك حقه فيه، هل له ذلك؟ فإن كان فماذا له: هل يأخذ، من الماء نفسه، القدر الذي كان يمكن أن يسقي به حقله لو كان مزروعا، ويفعل في ذلك ما شاء من سقي أرض له أخرى، أو هبته لغيره، أو ما عسى أن يريد، أم قيمة ذلك دراهم؟ وكيف إن باع المشتري الحقل، أو بناه دورا، ماذا يكون الحكم في حظه من الشِّرْب في ذلك كله؟
[٧]- المشتري يدعي السلف عند حلول أجل الأداء
وأما المسألة السابعة فرجل ادعى على رجل أنه باع منه طعاما، بثمن معلوم، إلى أجل معلوم، فلما حل الأجل، وطلب منه الثمن، قال المدعى عليه: لم أشتره منك، وإنما أعطيته لي سلفا.
القول قول من منهما؟ وهل يتصور في هذه المسألة من الخلاف ما يتصور في مسألة من قال: أقرضتك، وقال الثاني: أودعتني وتلف؟
فإنها نزلت عِنْدَ بعض الحكام، وشبهها بها بعض من سأله عنها. وقال غيره: لا تشبهها، والقول في هذه المسألة، قول مدعي السلف قولا واحدا.
والفرق بينهما وبين تلك المسألة: أن هناك من ادعى الوديعة لم يوجب في ذمته شيئاً لمن ادعى عليه، وفي هذه المسألة قد أوجب في ذمته، سلفا، فمن ادعى على الذمة خلاف ما اعترف به، أو زائدا، فعليه البيان، فهل لهذا الفرق وجه أم لا؟ فما وجه الحكم في ذلك؟