وكتب إليه، رضي الله عنه، من شرق الأندلس، حماه الله، بثلاث مسائل من الشهادات يسأل الجواب عليها.
ونصها: الجواب، رضي الله عنك، في:
[١]- هل تبطل الشهادة بتأخير أدائها
رجل شهد لرجل بشهادة، فقال المشهود عليه للمشهود له: ما بال هذا الشاهد لم يؤد لك هذه الشهادة، منذ كذا وكذا؟ فقال له المشهود له: أنه لتحريه، وتوسوسه، توقف فيها، وتثبت، حتى جاء بنص كلامك له، مخافة أن يزيد عليك فيه شيئاً، لم تفعله له.
فزعم هذا المشهود عليه: أن أقول هذا المشهود له، المنصوص فوق هذا، مسقط لشهادة الشاهد، لما فيه من ذكر الوسوسة، والمشهود له يقول: لم أرد بذلك الوسوسة، التي هي فقد العقل في حين من الأحيان، وإنما أردت أنه سمع منك، أيها المشهود عليه، أكثر مما شهد به عليك، لكنك شك في بعض ذلك، فتحرى، وتورع، وأسقط من شهادته ما دخله فيه بعض شك، وإن كان الغالب على ظنه أنه سمعه منك، واحتج على أن هذا اللفظ قد يستعمل في غير فقد العقل، لقوله عز وجل:{ولقد خلقنا الإنسان، ونعلم ما توسوس به نفسه}، وأن الشك الطارئ عليه لا يقدح في شهادته، لقوله سبحانه:{إن الذين اتقوا، إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.
فهل ترى، رضي الله عنك، ما احتج به هذا المشهود له، من ذلك