قال الفقيه الإمام القاضي أبو الوليد ابن رشد رضي الله عنه: ان سأل سائل عمن غصب قمحا وشعيرا لرجلين، فخلطهما: ما يجب لهما عليه، وهل لهما أن يبرياه من العداء دون رضاه، ويأخذ طعامهما، أم لا يكون ذلك لهما الا برضاه، وكيف يقتسمانه ان أبرياء برضاه أو بغير رضاه، على المذهب؛ إذ قد اختلفت في ذلك ظواهر الروايات، واختلف المتأخرون فيما حملوها عليه من التأويلات، فالذي نقول به والله الموفق للصواب برحمته، على منهاج قول مالك وأصحابه: أن الواجب على الغاصب أن يخرج لصاحب القمح مكيلة قمحه، ولصاحب الشعير مكيلة شعيرة، فان لم يكن له مال، بيع الطعام المخلوط على ذمته، فقسم ثمنه على قيمة القمح والشعير يوم الحكم، واشترى لكل واحد منهما بما ناب طعامه مثل طعامه، فما نقص من مكيلته فعلى الغاصب وما زاد فله، لا اختلاف بينهم في هذا.
وانما اختلفوا إن رضي المغصوب منهما، أن يسقطا حكم العداء عن الغاصب ويأخذا القمح والشعير مخلوطا هل لهما ذلك ام لا، على قولين، أحدهما: أن ذلك لهما وهو مذهب ابن القاسم، والثاني: أن ذلك