فبنى بعضهم عليه كرسيا للحدث، واحتج بأن ذلك لا يغيره لكثرته.
وحجة الآخرين: أنه، وإن لم يغيره، فإنه يقذِّره، ويعيفه، وربما رسبت الأقذار في قراره وبِغُدُرِه، وأن ذلك مما ينغّصه علينا.
فهل يباح له ما فعل، أو يغير عليه؟ وما القدر الذي يجوز من ذلك، في الماء الجاري، إذ ما دعاه إلى تقذره فيه مضرة على من ينتفع به؟
الجواب عليها: الحكم بقطع هذا الضرر واجب، والقضاء به لازم، قام بذلك بعض أهل الجنات، أو من سواهم بالحسبة، وعلى الحاكم أن ينظر في ذلك، إذا اتصل به الأمر. وإن لم يقم عنده به قائم، بأن يبعث إليه العدول: فإذا شهدوا عنده به قضى بتغييره لما في ذلك من الحق لجماعة المسلمين، خارج الجنات، على ما ذكرته في السؤال الواقع أسفل ظهر هذا الكتاب، ولا يسعه السكوت عن ذلك.
وبالله تعالى التوفيق، لا شريك له.
السؤال الذي أشار إليه، رضي الله عنه، في هذا الجواب هو: جوابك أعزك الله، إن سكت أصحاب هذا الماء عنه، هل للحاكم النظر فيه، إذ قد ينتفع به جماعة المسلمين خارج الجنات، أم يسعه السكوت عنه، ويسقط الحرج لذلك؟
فجمع له القاضي أبو الوليد ابن رشد، رضي الله عنه، الجواب في موضع واحد على السؤالين جميعا، إذ كانا من قبيل واحد.