النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} [الواقعة: ٦٢]، فوبخهم على إنكار النشأة الثانية، مع أن لهم طريقا إلى معرفتها، وهو القياس على النشأة الأولى، التي يقرون بها، وهي في معناها، ومثل هذا في القرآن كثير.
وروت أم سلمة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:" إني أقضي بينكم بالرأي فيما لم ينزل فيه وحي "" ومصداق هذا الخبر في كتاب الله عز وجل، قال الله عز وجل:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}[النساء: ١٠٥] والسنن المتواترة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، أكثر من أن تحصى، فهي ترفع العذر، وتوجب القطع بالحكم بالرأي والاجتهاد، وإقرار أصحابه على ذلك في زمنه مع وجوده صلى الله عليه وسلم، ونزول الوحي، فكيف به اليوم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي.
من ذلك الخبر المشهور لمعاذ بن جبل حين أنفذه إلى اليمين واليا ومعلما، فقال له: " بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ " قال: " فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، فقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضي رسوله ".
ومن ذلك قوله للخثعمية: " أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته؟ " قالت: نعم قال: " فدين الله أحق أن يقضى "، فقاس، صلى الله عليه وسلم، وجوب قضاء دين الخالق على وجوب قضاء دين المخلوق.
وقال، صلى الله عليه وسلم، في لحوم الأضاحي: " إنما نهيتكم من أجل الدافة التي