فأجاب، وفقه الله، على ذلك بأن قال: تصفحت سؤالك، ووقفت عليه.
وإذا لم يثبت على هذا النصراني الذي أسلم، وأظهر الإسلام طائعا: أنه يُسِرُّ النصرانية، ويدين بها، ببينة عدلة، لا مدفع له فيها، فلا يحكم عليه بالقتل، دون استتابة، كالزنديق، بما وجد في داره، مما يتشرع به النصارى في دينهم، وإن غلب على الظن أن تلك الأشياء الموجودة في داره، وهو يتشرع بها على دين النصرانية، لا من سواه ممن يساكنه من النصارى، أو ينتابه منهم، لاسيما بما ذكرت من أنه سمع عنه أظنه باق على النصرانية، مع ما هو عليه من إظهار الإسلام، وكثر سماع ذلك عنه، إذ لا تقام الحدود من القتل وغيره بالسماع، ولا غلبة الظنون، وإنما تقام بالبينة العدلة من المسلمين.
ألا تعرى أنه لو استفاض على رجل من المسلمين أنه شارب للخمر، فوجدت الخمر في داره، وبين يديه، وعلى مائدته مرة بعد أخرى، لما وجب عليه حد شرب الخمر، وإن غلب على الظن شربه بها.
ولو استفاض على رجل أنه يزاني امرأة فاجرة، معلومة بالفجور، فوجدت معه في داره، قد أغلق عليها بابه، وانفرد بها مدة من الزمان، لم يجب عليه حد الزنا، وإن غلب على الظن بخلوته معها المدة الطويلة من الزمان، زناه بها، وإنما يجب عليه بذلك العقوبة الوجيعة.