نزلت هذه المسألة بقرطبة، فذهب بعض اصحابه إلى إعمال الهبة واسقاط الشفعة، ولم يصح ذلك عنده.
فأجاب أيده الله، فيها بهذا الجواب، ونصه من أوله إلى آخر حرف فيه:
تصفحت رحمنا الله وإياك سؤالك ووقفت عليه.
والذي أقول به: أن هبة من لم يبع حظه من أهل السهم المشتري الشفعة الواجبة له لا تسقط حظ سائر الأشراك فيها، ان أرادوا ان يأخذوا بها، على مذهب مالك، رحمه الله وأصحابه، وذلك منصوص عليه في المدونة وغيرها، وفي سماع يحيى عن ابن القاسم من قول مالك الا ان يفرق احد بين قول الشفيع: قد سلمت الشفعة للمشتري، او تركتها له، أو أعطتيتها له، أو وهبتها له، وذلك محال؛ لأن الاحكام انما تختلف باختلاف المعاني لا باختلاف الألفاظ.
[٣٥] وقد حكى ابن حبيب في الواضحة عن أصبغ، في غير هذه المسألة ما يمكن ان يدخل الاختلاف منه فيها بالمعنى، وليس ذلك بصحيح لأن قول أصبغ قول شاذ ضعيف، معترض، لا يصح عند النظر والتحصيل، لان أهل العلم قد أجمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم انما اوجب الشفعة للشركاء، وقضى بها من أجل ضرر الشريك، الذي ادخله البائع عليهم فاذا باع أهل السهم حظه منهم وأخذ من لم يبع منهم بالشفعة، فقد ارتفع الضرر عن سائر الأشراك باخراج المشتري عنهم وان أبي ان يأخذ بالشفعة، ورضي بشركة المشتري وأراد ان