والذي أقول به في هذا: أن الجماعة، التي ذكرت أنها تنتسب إلى العلوم وتتميز من جملة العموم المحفوظ والمفهوم، تنقسم على ثلاث طوائف:
[١]- طائفة منهم اعتقدت صحة مذهب مالك تقليدا، بغير دليل، فأخذت أنفسها بحفظ مجرد أقواله، وأقوال أصحابع، في مسائل الفقه، دون أن تتفقه في معانيها، فتميز الصحيح منها من السقيم.
[٢]- وطائفة اعتقدت صحة مذهبه بما بان لها من صحة أصوله، التي بناه عليها، فأخذت أنفسها، أيضا، بتحفظ مجرد أقواله وأقوال أصحابه، في مسائل الفقه، وتفقهت في معانيها، فعلمت الصحيح منها، الجاري على أصوله، من السقيم الخارج عنها، إلا أنها لم تبلغ درجة التحقق بمعرفة قياس الفروع على الأصول.
[٣]- وطائفة اعتقدت صحة مذهبه بما بان لها، أيضا، من صحة أصوله، فأخذت أنفسها بحفظ مجرد أقواله، وأقوال أصحابه، في مسائل الفقه، ثم تفهمت في معانيها، فعلمت الصحيح منها، الجاري على أصوله، من السقيم الخارج عنها، وبلغت درجة التحقق، بمعرفة قياس الفروع على الأصول، لكونها عالمة بأحكام القرآن، وعارفة بالناسخ منها من المنسوخ، والمفصل من المجمل، والخاص من العام، عالمين بالسنن الواردة في الأحكام، مميزة بين صحيحها من معلومها، عالمة بأقوال العلماء من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من فقهاء الأمصار وما اتفقوا عليه، أو اختلفوا وعالمة من علم اللسان ما تفهم به معاني الكلام، بصيرة