وأما الرشد، فلأن الله تبارك وتعالى جعل الاموال قوام العيش وسببا للحياة، وصلاحا للدين والدنيا، ونهى عن اضاعتها وتبذيرها في غير وجوهها، نظرا منه لعباده، ورأفة بهم، فقال:{ولا تبذر تبذيرا ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين}[سورة الاسراء الآية: ٢٦،٢٧] وقال {والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قواما}[سورة الفرقان الآية: ٦٧]
وأمرنا الا نمكن منها السفهاء حراسة لها من أن تبذر وتنفق في غير وجوهها، فقال {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما / وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا، وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم}[سورة النساء الآية: ٥]
وأما اشتراط البلوغ وكمال العقل في ذلك فلانهما جميعا مشترطان في صحة الرشد وكماله، إذ لا يصح رشد من صبي لضعف ميزه، بوجوه منافعه، ولا من مجنون لسقوط ميزه وذهاب رأيه؛ فوجب الاحتياط للأموال وقطع مادة الضرر عنها، بأن يمنع من التصرف فيها من ليس بأهل التصرف فيها، ويحجر عليه فيها، ويحال بينه وبينها، خشية الإضاعة لها، امتثالا لأمر الله تعالى فيها.
تحديد البلوغ:
فصل وأما البلوغ فحده الاحتلام في الرجال، والمحيض في النساء أو ابن القاسم يبلغ احدهما من السن أقصى سن من لا يحتلم واختلف فيه من خمسة عشر عاما إلى ثمانية عشر عاما واختلف قول