ان كنت أردت بانقلابها: أنها إذا تخللت، ان جسمها الذي هو مجموعة جواهرها، عاد بعينه لا يعود الجسم جوهرا الا بأن تعدم أجزاؤع، حتى لا يبقى منها الا جوهر واحد وكما لا يعود الجوهر جسما إلا بأن تضاف اليه جواهر آخر، يتجسم بها وكما لا يعود الجوهر عرضا، ولا العرض جوهرا ولا السواد سوادا بياضا، ولا البياض سوادا، ولا البياض بياضا، ولا السواد سوادا، وكذلك ما أشبه هذا من الصفات.
فلا نقول، إذا رأينا جسما من الاجسام قد ابيض بعد سواده أو اسود بعد بياضه: أن السواد بعينه عاد بياضا ولا أن البياض بعينه عاد سوادا، وانما الحقيقة في: أن السواد أعدامه الله، فخلق مكانه بياضا بقدرته وأن البياض أعدمه الله فخلق مكانه سوادا بقدرته وكذلك سائر الصفات من الحلاوة، والمرارة والحرارة والبرودة وما أشبه ذلك.
الانقلاب بمعنى اعدام جسم الخمر وخلق جسم الخل مكانه:
وان أردت بانقلاب الخمر، إذا تخللت، ان الله تعالى أعدم جسمها وخلق في ثاني حال عدمه، جسمه الخل مكانه، بغير فاصلة، فلا نعلم ذلك ضرورة كما فلا نعلم توالي الأعراض المتماثلة على المحل الواحد.